وأيضا فإن الأجود بذاته والأكرم والأحمد هو آثر، بمنزلة أن الصحة آثر من الغنى، والعدالة من الشدة، لأن تلك من الأشياء الكريمة المحمودة بذاتها، وهذه ليست بذاتها، لا بل من أجل غيرها. وذلك أنه ليس أحد يكرم الغنى لذاته، لكن لشىء آخر. فأما الصحة فتكرم بنفسها وأن لم يقدر أن ينالنا منها شىء آخر.
[chapter 31: III 2] 〈مواضع أخرى〉
وأيضا متى كان شيئان متقاربين جدا، ولم يمكنا أن نبين أن أحدهما يفضل الآخر فى شىء أصلا، فينبغى أن ننظر فى توابعهما: وذلك أن الذى يتبعه خير أكثر هو آثر، وإن كانت توابعهما شرا فالذى يتبعه شر أقل هو آثر؛ وذلك أنهما إذا كانا جميعا مأثورين، فليس يمنع مانع من أن يكون يتبعهما شىء مكروه. — والبحث عن الإتباع يكون على وجهين: وذلك أن الشىء يتبع الشىء بالتقدم والتأخر. مثال ذلك ما يتبع المتعلم من الجهل والعلم؛ فإن الجهل بما يتعلمه متقدم، والتعلم به متأخر؛ والتابع بأخرة فى أكثر الأمر أفضل. فينبغى أن نأخذ من التوابع أنفعها.
Page 537