وأيضا ينبغى أن ننظر فى المتضادات التى بينها وسط، إذا كان صنف منها يوجد فيه وسيط، والصنف الآخر: إما ألا يوجد فيه وسيط، أو إن كان يوجد فى الصنفين وسيط إلا أنه ليس هو واحدا بعينه، بمنزلة الأبيض والأسود: فإن فميا بينهما فى الألوان وسيطا هو الأدكن، وليس بينهما فى الصوت وسيط، اللهم إلا أن يكون فيما بينهما المتخلخل كما يزعم قوم أن الصوت المتخلخل وسط بين الأبيض والأسود. فالأبيض إذا اسم مشترك؛ وكذلك الأسود.
وأيضا ينبغى أن ننظر إذا كان صنف منها فيه وسائط كثيرة، وصنف آخر فيه وسيط واحد، كالحال فى الأسود والأبيض. فإن الوسائط بينهما فى الألوان كثيرة، وفى الصوت واحد وهو المتخلخل.
وأيضا ينبغى أن نبحث عما يتقابل على طريق التناقض: هل يقال على أنحاء كثيرة. وذلك أن هذا إن كان يقال على أنحاء كثيرة، فإن المقابل له قد يقال أيضا على أنحاء كثيرة، مثال ذلك: الذى لا يبصر؛ فإنه يقال على أنحاء كثيرة: أحدهما على الذى ليس له بصر، والآخر على الذى لا يستعمل البصر. وإذا كان هذا يقال على أنحاء كثيرة، فواجب ضرورة أن يكون الذى يبصر يقال على أنحاء كثيرة. وذلك أن كل واحد من صنفى قولنا: «لا يبصر» يقابله شىء ما، أعنى أن الذى ليس له بصر يقابله الذى له بصر، والذى لا يستعمل البصر يقابله المستعمل للبصر.
Page 493