وقد كان لتمسك تلك الجالية بمذكرة 15 ديسمبر 1951 الفرنسية التي طالبت بمشاركة الفرنسيين في مؤسسات الدولة التونسية أسباب جوهرية، أعظمها أنها أرادت أن تصير اغتصابهم للسلطات واستحواذهم على ثروة البلاد حقا مشروعا؛ ولذا قال «كولونا» في نفس ذلك الحديث:
إن تلك المذكرة (مذكرة 15 ديسمبر 1951) قد وضعت مبدأ لا يمكن لحكومة جديرة بهذا الاسم أن تتخلى عنه من غير أن تتلوث، وذلك المبدأ هو استحالة اعتبار المائة والثمانية والسبعين ألف فرنسي المتوطنين أرض تونس كأجانب بها.
وإننا نعتقد اليوم كما اعتقدنا أمس أن ذلك المبدأ يتماشى تماما في تطبيقه السماح للتونسيين تدريجيا بإدارة شئونهم بأنفسهم.
ولذا كانت مذكرة 15 ديسمبر 1951 هي ميثاقنا في العلاقات الفرنسية التونسية.
ولا ننسى أن نذكر أن تلك المذكرة من تحريرهم وتحرير أعوانهم.
ولما ناقش البرلمان الفرنسي المشكلة التونسية في 5 / 6 / 1953 وقف أحد نواب الجالية الفرنسية في المغرب العربي وهو الجنرال أوميران
Aumeran
يتحدث باسمها، ويعبر عن رأيها ويجزم جزما كليا بوجوب الافتخار بالاستعمار الفرنسي، ويندد بمن يريد إبدال كلمتي إمبراطورية واستعمار بغيرهما، ويتحدى العالم الحر كله في صلف يدل على جمود تلك الجالية الفرنسية وعدم إمكان أي تطور فيها، فقال:
لا شيء يعوض فرنسا وإمبراطوريتها، وأقول: إمبراطورية، ولا أقول: وحدة فرنسية ذات روابط مهلهلة ... ... ولا ينبغي أن نتبرأ من أننا مستعمرون، وينبغي للذين استعمرناهم ألا يحمروا خجلا، بل ينبغي لهم أن يكونوا فخورين بذلك معترفين لنا بالجميل، وأن هاتين العاطفتين تمكننا من إحداث مشاركة مقامة على التقدير والاحترام والصداقة.
فأية مشاركة ممكنة بين الغالب والمغلوب والقاهر والمقهور غير مشاركة الراكب لفرسه؟! وأي تقدير غير تقدير السيد لعبده؟! وأي احترام غير احترام المزارع لبستانه وأرضه وأشجاره؟! وأي صداقة غير صداقة الأسد لفريسته ؟!
Page inconnue