173

Tunis la révoltée

تونس الثائرة

Genres

ولم تجر المواكب الملكية التقليدية؛ لأن جلالة الملك يشارك شعبه السراء والضراء، ولم تقع الاستقبالات بالقصر الملكي واقتصرت على أفراد العائلة المالكة، وبعض الشخصيات ذات الصلة الوثيقة بالبلاط.

4

وكان السجن المدني في تونس يعج بآلاف المعتقلين من النساء والرجال والأطفال، فقامت إحدى السجينات في قسم النسوة وقالت لزميلاتها: هذا عيدنا فلنحتفل به، ولنبرهن على عواطفنا ولنعبر عن شعورنا، ولنشارك شعبنا، فتعالت الهتافات: يحيا الاستقلال، يحيا الحبيب بورقيبة، وثارت في صدور السيدات والأوانس السجينات العواطف والأحاسيس، فانطلقت حناجرهن بالأناشيد الوطنية، وتدخل الحراس في الأمر وهاجموا السيدات، فأثار هذا التدخل عواطف السجناء الرجال، فانضموا إلى النساء منشدين هاتفين.

فعاقبتهم إدارة السجن جميعا، وحكمت عليهم بالحرمان من كل مئونة تأتي من الخارج، ومن زيارة أقاربهم وأفراد عائلاتهم.

وأعلن المسجونون كلهم إضراب الجوع ابتداء من مساء يوم الثلاثاء ثاني عيد (24 يونيو).

وخشيت السلطات الفرنسية ثورة داخل السجن، فعززت الحراس بثمانين من أعوان البوليس.

ولم تنقطع المظاهرات الشعبية أسابيع بعد العيد، ففي الساعة الخامسة من ظهر الجمعة 27 يونيو تظاهر عدد كبير من النسوة والرجال والشبان والأطفال أمام بيت الهادي بن رايس وزير التجارة في الوزارة الخائنة بشارع السيدة عجولة، ودوت الهتافات المعادية بسقوط الاستعمار وبسقوط الوزارة الموالية له.

وسعى البوليس الفرنسي الذي يحرس بيت الوزير الخائن في تفريق المتظاهرين بالقوة ولكنهم عجزوا، فاستنجدوا بقوات جديدة أتت مسرعة، وانسحب الوطنيون ليجتمعوا من جديد بعد دقائق أمام بيت خائن آخر وهو الوزير دنقزلي، فحمل عليهم البوليس هناك وألقى القبض على أربع نساء.

وتتابعت الهجمات على القوات المسلحة والبوليس، فقد شرع الوطنيون - في بلدة الحامة - في الساعة الحادية عشرة ليلا في محاصرة مركز البوليس، وأطلقوا النيران عليها، ولم تعلن السلطات الفرنسية عن عدد المصابين من أعوان البوليس.

وكانت مدينة سوسة ميدانا لنشاط الوطنيين في ليلة الأربعاء 25 يونيو، فقد هاجموا مستودعا للذخيرة (ميرادور) وأطلقوا النار على الحارس، ولكنهم انسحبوا بعد حين.

Page inconnue