ثم ليتفكروا كم من الناس وما حاجتهم من حاجاتهم، وهل سمعوا قول الله تعالى{وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } وقول الله تعالى{ومن يتق الله يجعل له مخرج ا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب} . وانظروا مثل الذين خلوا من قبلكم من سلفكم وأهل بيت نبيكم، واسمعوا أخبارهم فإنهم كانوا أشد احتياجا منكم، ولم يحملهم ذلك على ارتكاب ما لا يحل لهم، ولكن صبروا وعفوا {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين } وإنما الأحق بأهل هذا البيت الشريف، والمنصب العالي المنيف، أن ينفقوا أموالهم في الوجوه التي أمر الله تعالى بالإنفاق فيها، ومدح المنفقين فيها، وذم البخل بها في معظم كتابه المبين، وعلى لسان رسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله الأكرمين، وأن يكونوا من أهل اليد العلياء، وأن يد المعطي خير من يد المستعطي، وإنما الفضل بالإنفاق في سبيل الله لا بأخذ ما أحل الله، كيف بمن أخذ ما حرم الله{ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل[13/ب] والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} ، وليس لمعتلي أن يعتلي بعد اليسار الكثير، فإن جهد المقل أفضل الصدقة، وقد مدح الله تعالى الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وذم الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم{ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد، الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم} .
Page 146