Touhfat al-Habib ala Sharh al-Khatib

Ibn Muhammad Bujayrimi Misri d. 1221 AH
23

Touhfat al-Habib ala Sharh al-Khatib

تحفة الحبيب على شرح الخطيب

Chercheur

مكتب البحوث والدراسات

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1415 AH

Lieu d'édition

بيروت

مَجْمُوعَةٌ فِي بَائِهَا، وَمَعْنَاهَا: بِي كَانَ مَا كَانَ وَبِي يَكُونُ مَا يَكُونُ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَمَعَانِي الْبَاءِ فِي نُقْطَتِهَا. (الْحَمْدُ لِلَّهِ) بَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ ثُمَّ بِالْحَمْدَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ. وَعَمَلًا بِخَبَرِ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» أَيْ حَالَ يُهْتَمُّ بِهِ «لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ ــ [حاشية البجيرمي] لَهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا جَمَعَتْ الْإِلَهِيَّاتِ فِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فِي مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَالْعِبَادَاتِ كُلَّهَا مِنْ الِاعْتِقَادِ وَالْأَحْكَامِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي فِي إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَالشَّرِيعَةَ كُلَّهَا فِي الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، وَالْأَنْبِيَاءَ وَغَيْرَهُمْ فِي قَوْلِهِ أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ، وَذِكْرَ طَوَائِفِ الْكُفَّارِ فِي غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ شَيْخُنَا. اهـ. سُيُوطِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهَا بِي إلَخْ) أَيْ إنَّهَا تُشِيرُ إلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا مَعْنَاهَا الْمَوْضُوعَةُ هِيَ لَهُ قَوْلُهُ: (فِي نُقْطَتِهَا) أَيْ أَوَّلِ جُزْءٍ يُوضَعُ عِنْدَ إرَادَةِ رَسْمِهَا قِيلَ، وَمَعْنَاهَا أَنَّ ذَاتَه تَعَالَى نُقْطَةُ الْوُجُودِ الْمُسْتَمَدِّ مِنْهَا كُلُّ مَوْجُودٍ أج. [مَبْحَثُ النَّحْتِ] قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أَصْلُهُ حَمِدْت حَمْدَ اللَّهِ، ثُمَّ اُسْتُغْنِيَ بِالْمَصْدَرِ عَنْ الْفِعْلِ فَحُذِفَ ثُمَّ رُفِعَ الْمَصْدَرُ، ثُمَّ أَدْخَلُوا عَلَيْهِ أَلْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الدَّوَامِ فَصَارَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الدَّوَامَ وَالِاسْتِمْرَارَ إنَّمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْعُدُولِ عَنْ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ إلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ، لِأَنَّ قَوْلَنَا زَيْدٌ قَائِمٌ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى أَصْلِ ثُبُوتِ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ، وَأَمَّا دَوَامُهُ وَاسْتِمْرَارُهُ فَإِنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الْعُدُولِ. وَالْحَمْدُ أَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ: إمَّا وَاجِبٌ كَمَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، أَوْ مَنْدُوبٌ كَمَا فِي الْأَدْعِيَةِ ابْتِدَاءً وَخِتَامًا وَنَحْوِ الْأَكْلِ، أَوْ مَكْرُوهٌ كَكَوْنِهِ فِي الْأَمَاكِنِ الْقَذِرَةِ أَوْ بِفَمٍ نَجِسٍ أَوْ حَرَامٍ كَالْحَمْدِ عِنْدَ الْفَرَحِ بِالْمَعْصِيَةِ، وَلَمْ يَعْطِفْهَا عَلَى الْبَسْمَلَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ كَمَالِ الِاتِّصَالِ وَلِإِفَادَةِ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَقْصُودِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْبَسْمَلَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا جِهَةُ تَحْمِيدٍ لِأَنَّ الْمُبَسْمِلَ لَا يُقَالُ لَهُ حَامِدٌ عُرْفًا. تَنْبِيهٌ: الْمُخْبِرُ بِالْحَمْدِ حَامِدٌ بِخِلَافِ الْمُخْبِرِ بِالصَّلَاةِ فَلَيْسَ بِمُصَلٍّ، وَلِذَا يُثَابُ الْحَامِدُ مُطْلَقًا وَلَا يُثَابُ الْمُصَلِّي إلَّا إذَا قَصَدَ الْإِنْشَاءَ، وَسَوَّى الدُّلَجِيُّ فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَالْحَمْدِ فِي الثَّوَابِ وَلَوْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ. تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: أَفْضَلُ الْمَحَامِدِ أَنْ يُقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَهَبَطَ آدَمَ ﵊ إلَى الْأَرْضِ قَالَ: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي الْمَكَاسِبَ وَعَلِّمْنِي كَلِمَةً تَجْمَعُ لِي فِيهَا الْمَحَامِدَ. فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ أَنْ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَك وَيُكَافِئُ مَزِيدَك فَقَدْ جَمَعْت لَك فِيهَا جَمِيعَ الْمَحَامِدِ» . وَقِيلَ: أَفْضَلُ الْمَحَامِدِ أَنْ يُقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْت مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، زَادَ بَعْضُهُمْ عَدَدَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْت مِنْهُمْ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَهَا فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتْعَبْت الْحَفَظَةَ فَإِنَّهُمْ يَكْتُبُونَ ثَوَابَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ الْعَامِ الْمَاضِي إلَى الْآنَ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَحْمِدَنَّ اللَّهَ بِأَفْضَلِ الْمَحَامِدِ، فَقَالَ كُلُّ فَرِيقٍ لَا يَبَرُّ إلَّا بِمَا قَالَهُ مِنْ تِلْكَ الْمَحَامِدِ، وَقِيلَ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَقُولَ: اللَّهُمَّ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، وَقِيلَ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَقُولَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] اهـ شَبْرَخِيتِيٌّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ. قَوْلُهُ: (بَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ ثُمَّ بِالْحَمْدَلَةِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِسُؤَالَيْنِ: صُورَةُ الْأَوَّلِ لِمَ أَتَى بِهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَمْ يَبْتَدِئْ بِغَيْرِهِمَا كَالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ؟ وَصُورَةُ الثَّانِي: لِمَ رَتَّبَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؟ وَالدَّلِيلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ يُثْبِتُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَعَمَلًا بِخَبَرِ إلَخْ. يُثْبِتُ الْأَوَّلَ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: بِالْبَسْمَلَةِ أَيْ بِمُسَمَّى الْبَسْمَلَةِ أَوْ بِمَا نُحِتَتْ مِنْهُ الْبَسْمَلَةُ.

1 / 27