Le Cadeau des Nobles par Nur ad-Din as-Salimi
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Genres
وأما دعوى المتبرئين فإن أبا قحطان قال نشأ في الدولة شباب وناس يتخشعون من غير ورع؛ ويظهرون حب الدين ويبطنون حب الدنيا , ويأكلون الدنيا بالدين , فلما طال عمر الصلت بن مالك عليهم ملوه لما كبر وضعف وإنما كان ضعفه من قبل الرجلين , وأما السمع والبصر والعقل واللسان فلم نعلم أنه ضاع منه شيء ولا نقص منه شيء.
قال فلما ذهب أعلام المسلمين وفقهائهم وأهل الورع ومن يطلب الآخرة وبلغ الكتاب أجله , وأراد الله أن يختبر أهل عمان كما اختبر من قبلهم ليعلم المطيع من العاصي وقد علمهم من قبل أن يخلقهم ووابتلى الله أهل عمان برئيس وعلماء من علمائهم كما ابتلى غيرهم؛ فلما اختبرهم قل بصرهم وزالت عقولهم عن الحق وخالفوا سيرة المسلمين إلا قليلا أنقذهم الله , قال فخرج موسى بن موسى من أهل بيت علم وورع ووالده موسى بن علي رحمه الله كان في عصره مقدما على أهل عمان قال فقام موسى بن موسى في أهل عمان يتكلم بلسان فصيح ويهتف في مجلسه ويصيح ومرة يطعن في الإمام والقاضي , ومرة يطعن في الولاة والشراة , ومرة يطعن في أصحابه ولا يسم للإمام بمكفرة , ولا يبن ما يدعوا إليه إلا أنه ناصح للدولة وأهلها ويصل إلى الإمام؛ ويتكلم بما لو كان غير الصلت بن مالك لحبسه في السجن أو يوضح على ما يقول برهانا أو يسمك لسانه عن شتم أهل الدولة , ولكن الصلت كان رفيقا وكان يجله لموضع والده , ولم يكن يؤمل فيه هدم الدولة لأنه كان يظهر أنه ناصح للدولة ولأهلها , وهو يسعى في فسادها وهدمها للذي سبق في علم الله.
قال فلم تزل الأيام ترقي به وجالسه تغلظ وهو يوشب , أي يكبر على الدولة ويسعى في هدم عزها؛ ويظهر إنه يريد إعزازها , حتى انتهت به الأيام أن جمع الأعراب والطعام من الناس ومن يسرع إلى الفتنة.
Page 173