في هذا العام من البحر عسكرا معينا بسبب الإقامة بالقلعة التي
بالمدينة المنورة، وهو نحو ستون نفرا رماة بالبنادق وجعل عليهم باش ويسمى (دزدار) فوصلوا إلى المدينة المنورة في أوسط سنة أربع وأربعين وتسعماية، واستمروا مقيمين بالمدينة المنورة، وكانت القلعة حينئذ لم يشرع في بنائها ثم أن الأمين مصطفى جلبي المذكور أتم باقي السور وباقي البقيع وهدم القلعة القديمة وكانت مبنية على هيئة القاعة من غير أبراج، ثم أن الأمين المذكور غيرها وأحكم بناها وشيد أبراجها وأحدث بها جدارا وبابا من داخل المدينة المنورة، وجعل البنا محيطا بها، وجعل بيوتا للعسكر في داخلها، وجعل بيتا لنايب القلعة على الجبل الذي هناك في محل القلعة، وذرع داير القلعة من الباب الشامي الكبير إلى الباب الصغير خمسماية وثمانية عشر ذراعا وذرع الجدار الشرقي لها من داخل المدينة المنورة ماية وواحد وستون ذراعا وذلك بذراع العمل، واستمر في بناء ذلك وتكميل ما بقي من سور المدينة المنورة إلى أن تم جميع ذلك (8) في النصف من شعبان المعظم قدره سنة ست وأربعين وتسعماية فكان مدة الإقامة بالبنا بسور المدينة سبع سنوات ونصف بما في ذلك من تخلل الباطلات المذكورة وفي هذا التاريخ تم بنا جميع سور المدينة المذكور بما فيها الأبواب والأبراج من التجاويف نحو أربعين (1) ألف ذراعا، وبدون التجاويف المذكورة ثلاث آلاف وأربعماية واثنين وثمانين ذراعا بذراع العمل، وفي آخر الشهر المذكور توجه كل من الأمين مصطفى المذكور والزيني رمضان جلبي الكاتب إلى الأبواب العالية، وسمعت من الأمين المذكور أن المصروف بسبب بنا السور المذكور على من تقدم ذكرهم من العسكر والبنايين وغيرهم من الغلال كالقمح والشعير والفول نحو خمسة عشر ألف أردبا، والمصروف من الذهب السليماني الجديد الوازن نحو ماية ألف دينارا.
وكان المقر العالي ذو الخصايل الحميدة والآراء السعيدة الزيني محمود جلبي شيخ الحرم الشريف النبوي وناظره أعزه الله وأدام أيامه، توجه إلى الأبواب العالية
Page 89