Tuhfa Ciraqiyya

Ibn Taymiyya d. 728 AH
37

Tuhfa Ciraqiyya

التحفة العراقية في الأعمال القلبية

Maison d'édition

المطبعة السلفية

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

القاهرة

Genres

Soufisme
الحَدِيث كالتغيير وَسَمَاع المكاء والتصدية فيسمعون من الْأَقْوَال والأشعار مَا فِيهِ تَحْرِيك جنس الْحبّ الَّذِي يُحَرك من كل قلب مَا فِيهِ من الْحبّ بِحَيْثُ يصلح لمحب الأوتار والصلبان والاخوان والأوطان والمردان والنسوان كَمَا يصلح لمحب الرَّحْمَن وَلَكِن كَانَ الَّذين يحضرونه من الشُّيُوخ يشترطون لَهُ الْمَكَان والإمكان والخلان وَرُبمَا اشترطوا لَهُ الشَّيْخ الَّذِي يحرس من الشَّيْطَان ثمَّ توسع فِي ذَلِك غَيرهم حَتَّى خَرجُوا فِي ذَلِك إِلَى أَنْوَاع من الْمعاصِي بل إِلَى نوعم الفسوق بل خرج فِيهِ طوائف إِلَى الْكفْر الصَّرِيح بِحَيْثُ يتواجدون على أَنْوَاع من الْأَشْعَار الَّتِي فِيهَا الْكفْر والإلحاد مِمَّا هُوَ من أعظم أَنْوَاع الْفساد وينتج ذَلِك لَهُم من الْأَحْوَال بِحَسبِهِ كَمَا تنْتج لعباد الْمُشْركين وَأهل الْكتاب عباداتهم بحسبها وَالَّذِي عَلَيْهِ محققوا الْمَشَايِخ أَنه كَمَا قَالَ الْجُنَيْد ﵀ من تكلّف السماع فتن بِهِ وَمن صادفه استراح بِهِ وَمعنى ذَلِك أَنه لَا يشرع الِاجْتِمَاع لهَذَا السماع الْمُحدث وَلَا يُؤمر بِهِ وَلَا يتَّخذ دينا وقربة وَأَن الْقرب والعبادات إِنَّمَا تُؤْخَذ عَن الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم فَكَمَا أَنه لَا حرَام إِلَّا مَا حرمه الله فَإِنَّهُ لَا دين إِلَّا مَا شَرعه الله قَالَ الله تعلى الشورى أم لَهُم شُرَكَاء شرعوا لَهُم من الدّين مالم يَأْذَن بِهِ الله وَلِهَذَا قَالَ آل عمرَان قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله وَيغْفر لكم ذنوبكم فَجعل محبتهم لله مُوجبَة لمتابعة رَسُوله وَجعل مُتَابعَة رَسُوله مُوجبَة لمحبة الله لَهُم قَالَ أبي بن كَعْب ﵁ عَلَيْكُم بالسبيل وَالسّنة فَإِنَّهُ مَا من عبد على السَّبِيل وَالسّنة ذكر الله فاقشعر جلده من مَخَافَة الله إِلَّا تحاتت عَنهُ خطاياه كَمَا يتحات الْوَرق الْيَابِس عَن الشَّجَرَة وَمَا من عبد على السَّبِيل وَالسّنة ذكر الله خَالِيا فَفَاضَتْ عَيناهُ من مَخَافَة الله إِلَّا لم تمسه النَّار أبدا وَإِن اقتصادا فِي سَبِيل وَسنة خير من اجْتِهَاد فِي خلاف سَبِيل وَسنة فاحرصوا أَن تكون أَعمالكُم اقتصادا واجتهادا على منهاج الْأَنْبِيَاء وسنتهم وَهَذَا مَبْسُوط فِي غير هَذَا الْموضع فَلَو كَانَ هَذَا مِمَّا يُؤمر بِهِ وَيسْتَحب وَتصْلح بِهِ الْقُلُوب للمعبود المحبوب لَكَانَ ذَلِك مِمَّا دلّت الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة عَلَيْهِ وَمن الْمَعْلُوم أَنه لم يكن فِي الْقُرُون الثَّلَاثَة المفضلة الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِي ﷺ خير الْقُرُون قَرْني الَّذِي بعثت فِيهِ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ لَا فِي الْحجاز وَلَا فِي الشَّام وَلَا فِي الْيمن وَلَا فِي الْعرَاق وَلَا فِي مصر وَلَا فِي خُرَاسَان أحد من أهل الْخَيْر وَالدّين يجْتَمع على السماع المبتدع لصلاح الْقُلُوب وَلِهَذَا كرهه الْأَئِمَّة كَالْإِمَامِ احْمَد وَغَيره وعده الشَّافِعِي من إِحْدَاث الزَّنَادِقَة

1 / 73