خلاصته: أخذونا لصالية التفتيش، وهون المصيبة الكبيرة، فتحنا الصناديق وصاروا يقلبوا وينبشوا بها الأواعي، وكل ما وقعت إيدهم على ورقة أو كتاب ينبشوه ويبقبشوا وبختك الله، ما كان معي إلا شوية قصص متل: رحلة بني هلال، وعلي الزيبق، والزير، ودياب، والست بدور، والسلطان حسن، وغيره من القصص اللي بعلمك منها. أخيرا قالوا: «فك الفرشة.» ساعتها هبط قلبي وقلت: «لقطوا الدخان لا محال وانحبس خيك فنيانوس» فكيتها وصاروا ينبشوا، ما لقيوا شي، لكن واحد من المفتشين ريح وشم ريحة دخان وتطلع فيي وقال: الفرشة فيها دخان. قلت اله: يطول عمر الأفندي! منين يجي الدخان؟ قال: «في، مأكد! يالله فتق الفرشة، أنت حاشي الدخان مع القطن.» فتقت كم قطبة وصار يفتش ويشمشم، ما كان يحضى بشي، حار الرجال بأمره؛ ريحة دخان وما شايف دخان، «اللمس لمس عيسى والصوت صوت يعقوب.» أخيرا قال: أنت معك دخان! فإذا كنت ما بتقول فين حاططه باخذك عالسرايا. قلت له: يا أفندي سماع! قشاع! أنا ما معي دخان شدراخ ومدراخ. وبلشت أحلف له على هالقديسين العتاق، الرجال وجد المسألة منحوسة، شو بده يعمل؟ شامم ريحة دخان ودخان ما في وموش عارف المعتر إنه معي عشرة كيلو دخان حازم فيها الفرشة على عينك يا تاجر! أخيرا قال: ضبوا أواعيكم! ضبينا الأواعي وحزمت الفرشة كالأول، وهو واقف يتفرج علي ويشمشم، وحملنا الحوايج على خان الصيفي.
الفصل السادس
التحويج
وبوصلتنا لباب الخان لقيت لك عمتي أم سكحا ناطرتني، يا حرام الشوم! ما وقع نظرها علي إلا وهجمت متل ديب الكاسر، وبلشت تقول: ولدي فنيانوس، الله سمع مني وشفتك! وتغمرني وتبوسني وتشقلني عن الأرض وتبرم حوالي وتقول: «أهلا أهلا بهالكسم الحلو، أهلا بفنيانوس!» قول يا أفندم، بعد ما استرحنا يومين تلاتة قمنا عالتحويج؛ لإنه معلومك لما بيكون الواحد جايي من أميركا جديد قديش بده أغراض وهدايا، متل أساتيك المولاد أجلك، لعوبات ومعوبات ودربكات وزميرات، وكعك ومعك وقضامي وفستق وملبس وحلاوة وملاوة، وحلق وخواتم للقرايب والجيران، وساعة لخورينا، وشماعدين للكنيسة، وخاتم حجر دم لشيخ الضيعة، ومشلح للناطور. هدا عدا عن الرز والملح والطحين والكراسي وصياخ الشك ومشاكيك قراص للأركيلة ونباريش، واشكال لا تحصى ولا تعد. - شو! كأن هالأشيا موش موجود منها في الضيعة. - منين التعتير؟ ما في إلا موي طيبة وهوا جيد. - لكن كيف بيقولوا إن لبنان صار فيه كل شيء، حتى إن حلتا صار فيها درب كروسة؟ - شو بدك بالحكي؟ والله نحن لولا وارد البحر مدري شو كان صار فينا.
الفصل السابع
الشمعة الطويلة
وحتى لا يطول الشرح، قول يا أفندم، تحوجنا كل لوازمنا وضبضبنا حالنا واستعدينا، وتاني يوم بكير إجو المكارية، وما لحقنا نحمل ونركب إلا وأسمع لك عمتي بتقول: يا فنيانوس، نسينا. - ورك شو نسينا؟ - نسينا الشمعة. - شو الشمعة؟
قالت: شمعة طولك، نادرتها لمار عيدا المشمر لما بترجع بالسلامة، وهلق الحمد لله رجعت بخير.
قلت الها: هلق ما بقى في وقت، خطرة التانية منشتريها.
قالت: ما بيصير إلا تا ناخذها معنا. - قشعي، اسمعي، يا بنت الحلال، منين بدنا نلاقي هلق شمعة طولي؟ في اسطمبول موش راح نلاقي متر وسبعين سانتو. - أبدا! وحياتك وقفت المكارية وعطلتنا عن السفر وسحبتني لعند بياع الشمع. سألناه: عندك يا عمي شمعة طول محسوبك؟ قام بسلامته ووقف على كرسي لأنه كان قصير كتير، وجاب الدراع وصار يقيس طولي. أخيرا قال: ما في بوقت الحاضر، لكن بعمل واحدة خصوصية وبعد يومين بتخلص. الخلاصة قضيناها ودفعنا حقها مقدم ريال مجيدي، فضلة دياتك، على بنا بعد يومين نبعت من ياخذها، قول بختك الله، رجعنا عالحارك وركبنا الدواب ومشينا.
Page inconnue