والرزق من الأوثان غير معلوم فقال: ﴿لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا﴾ لعدم حصول العلم به وقال: ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ﴾ الموعود به، ثم قال: ﴿وَاعْبُدُوهُ﴾ أي اعبدوه لكونه مستحقًّا للعبادة لذاته واشكروا له أي لكونه سابق النعم بالخلق وواصلها بالرزق ﴿إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي اعبدوه لكونه مرجعًا منه يتوقع الخير لا غير) (١).
ونص الله سبحانه في القرآن الكريم أنه رزاق يرزق الخلق كلهم لا فرق بين بر وفاجر، ومؤمن وكافر، وأن المطلوب منهم ليس تدبير الأرزاق، وإنما عبادة الخلاق قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (٢).
قال الماوردي ﵀: «فيه خمسة تأويلات:
أحدها: إلا ليقروا بالعبودية طوعًا أو كرهًا، قاله ابن عباس ﵄.
الثاني: إلا لآمرهم وأنهاهم، قاله مجاهد ﵀.
الثالث: إلا لأجبلهم على الشقاء والسعادة، قاله زيد بن أسلم ﵀.
الرابع: إلا ليعرفوني، قاله الضحاك ﵀.
الخامس: إلا للعبادة، وهو الظاهر، وبه قال الربيع بن أنس ﵀.
وقوله تعالى: ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ما أريد أن يرزقوا عبادي ولا أن يطعموهم.
الثاني: ما أنفسهم، قاله أبو الجوزاء.