اتجاهات الشعر العربي المعاصر

Ihsan Abbas d. 1424 AH
98

اتجاهات الشعر العربي المعاصر

اتجاهات الشعر العربي المعاصر

Maison d'édition

المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٩٧٨

Lieu d'édition

الكويت

Genres

ومهيار: يأمر تيمور الطاغية بتعذيبه ثم يقطع جسده إلى أجزاء صغيرة ترمى في جب للأسود ويفصل رأسه عن جسمه، ولكنه يظل هو " النفس المزروع في رئة الحياة "، ويظل رأسه يتحدث عن موته الذي كان " فوهة الزمان، كان الوعد والمجيء " وعن جسده الذي سار أمامه: أزمنة، مدائنا تواكب النهر مسرحها بضفتين: الحب والبشر وحين توحد بالأرض والكون والموت والزمن صار هو " المدى والمدار "، أو هو الحقيقة المطلقة، بل لعله أكبر من كل ذلك. ليس للزمن وجود ذاتي متميز عن أدونيس، وإنما هو مجال، ساحة لدينامية الإنسان، امتداد، أهم ما يعكسه حركة الإنسان في داخله وأحيانا في خارجه - ولهذا بدلا من أن يركز نظره في الزمن، وإحساسه الكلي في تقلباته وتجسداته، كما تفعل نازك التي تسمع وقع خطى الأيام، وتحس دبيب أقدام الليل، فإنه لا يحاول أن يرى سوى الصيرورة المستمرة، وحياة التحولات في أقاليم الليل والنهار، أن أدونيس لا يبحث عن زمن ضائع - كما فعل بروست - وإنما يلاحق زمنا لم يولد بعد، بل أن قولنا " لم يولد بعد " مجاز، لأن الإنسان متحد به، وهو في صيرورته المستمرة يرسم له أبعاده. وحسبنا هنا أن نعرض مثالا واحدا يصور هذه الصيرورة؟ قناعا آخر من أقنعة أدونيس - بعيدا بعض الشيء عن " تأله " مهيار، وقدرته على توجيه الحياة الإنسانية، وعن تكييف الإنسان؟ بقدرة يسميها الناس خارقة - مثالا يتحرك في التاريخ، ويمثل الإرادة الإنسانية

1 / 102