53

رسالة في فرضية اتباع السنة، والكلام على تقسيم الأخبار وحجية أخبار الآحاد - ضمن «آثار المعلمي»

رسالة في فرضية اتباع السنة، والكلام على تقسيم الأخبار وحجية أخبار الآحاد - ضمن «آثار المعلمي»

Chercheur

محمد عزير شمس

Maison d'édition

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٤ هـ

Genres

وفي "الصحيحين" (^١) وغيرهما أنه بينا النبي ﵌ يقسم مالًا إذ قام رجل ... بين عينيه أثر السجود، فقال: يا رسول الله، اتقِ الله. وفي روايةٍ: اعدِلْ يا رسول الله. وهناك روايات أخرى قريبة من ذلك. فقال النبي ﵌: "ويلك! أوَ لستُ أحقَّ أهل الأرض أن يتقي الله؟ ". وفي رواية: "ويحك! ومن يَعدِل إذا لم أعدل؟ ". وهناك روايات أخرى قريبة من ذلك. فاستأذن عمر وخالد بن الوليد في قتله، فلم يأذن لهما ﵌، ثم قال: "إن له أصحابًا يَحْقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يَمرُقون من الدين كما يمرق السهمُ من الرميَّة" الحديث.
فهذا الرجل أسلم وقرأ القرآن، وأكثر من الصلاة، فتوهَّم أنه قد عرف كل شيء ولم تبق له حاجة في دينه إلى النبي ﵌، بل يمكن عنده أن يقع الجور من النبي ﵌، فيكون له أن ينكر على النبي ﵌.
فأخبر النبي ﵌ أن ذاك الرجل أصل الخوارج، وصدق ﵌؛ فإن هذه النزغة هي التي استولت على الخوارج، فإنهم قرأوا القرآن، وأكثروا من الصلاة والصيام، فتوهموا (^٢) أنهم قد عرفوا كل شيء، وأنه لا حاجة بهم إلى عرض ما يفهمونه من القرآن على هدي النبي ﵌ وأصحابه، وذلك أنه وقع في أنفسهم أن القرآن كلام الله ﷿، وهو بلسان عربي مبين، وهم عربٌ خلَّص، فاستهواهم هذا حتى وقعوا فيما وقعوا فيه.
فمن ذلك: أنهم لما رأوا أمير المؤمنين عليًّا ﵁ رضي بأن

(^١) البخاري (٣٦١٠، ٦١٦٣، ٦٩٣٣) ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري.
(^٢) في الأصل: "فتوهم".

19 / 56