يقال: فهذا عمر يقول: "عندنا كتاب الله حسبنا"، ثم يقرُّه النبي ﵌؛ إذ لم ينقل أنه ﵌ أنكر عليه هذه الكلمة.
أقول: يقع لي أن عمر كان يستحضر حينئذٍ قول الله ﷿: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣]، فرأى أن الدين قد كمل، فلم يبق موضع للزيادة فيه.
غاية الأمر أن يريد النبي ﵌ أن يذكِّرهم ببعض ما قد علموه، أو يؤكِّد عليهم أمره، أو نحو ذلك.
فكأنه يقول: إن كان بقي شيء من أمر الدين لم يعلِّمناه رسول الله ﵌ فلا بد أن يكون في القرآن؛ بدليل أن الدين قد كمل، فلماذا نَشُقُّ على النبي ﵌ في شدة وجعه؟ وهذا رأي رآه، وقد كان مأذونًا لهم إذا أمرهم النبي ﵌ بأمر أن يراجعوا، فإذا أعاد عليهم الأمر كان لهم أن يراجعوه الثانية، فإذا أمرهم الثالثةَ تعين الامتثال، كما صرح به جابر في حديثه. "مسند أحمد" (...) (^١).
والمراجعة ثابتة في أحاديث كثيرة:
منها مما وقع لعمر نفسه: مراجعته النبي ﵌ في الصلاة على عبد الله بن أُبي (^٢).