Tiraz pour les secrets de l'éloquence et les sciences des réalités du miracle

Yahya b. Hamza al-ʿAlawi, al-Muʾayyad bi-Allah d. 745 AH
108

Tiraz pour les secrets de l'éloquence et les sciences des réalités du miracle

الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز

Maison d'édition

المكتبة العنصرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٣ هـ

Lieu d'édition

بيروت

دقيقة اعلم أنك إذا حققت النظر فى الاستعارة فى مثل قولك لقيت الأسد، وجاءنى البحر، علمت قطعا أن التجوز إنما كان فى جهة المعنى دون اللفظ من حيث اعتقدت أن ذات زيد ذات الأسد، من غير مخالفة، ومن أجل هذا قال أهل التحقيق من علماء المعانى: إن استعمال المجازات يكون أبلغ فى تأدية المعانى من استعمال الحقائق، ولهذا فإنه يقال عند ذاك جعله أسدا وبحرا كما يقال جعله أميرا. فإن زعم زاعم أن المراد بالجعل ههنا التسمية كقوله تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثًا [الزخرف: ١٩] أى سموا، والمفعول الثانى من فعل سمى أبدا يكون المراد به اللفظ دون المعنى، كقولك سميت ولدى عبد الله، إذا وضعت عليه هذا الاسم، فجوابه أنا لا نسلم أنهم أرادوا التسمية، بل اعتقدوا للملائكة صفة الأنوثة، وأثبتوها لهم، ومن أجل هذا الاعتقاد صدر من جهتهم إطلاق اسم البنات فى قوله تعالى: أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ [الطور: ٣٩] ولم يكن ذمهم من أجل إطلاق لفظ البنات والأنوثة على الملائكة من غير اعتقاد لمعنى الأنوثة، بل كان الإنكار عليهم من أجل اعتقادهم لها فيهم، ومصداق ذلك قوله تعالى: أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ [الزخرف: ١٩] فهذا ما أردنا تقريره فى ماهية الاستعارة والحمد لله. البحث الثانى فى إيراد الأمثلة فيهما اعلم أن الأمثلة هى تلو الماهيات فى تقرير الحقائق وبيانها، فلأجل هذا أوردناها على إثر كلامنا فى الماهية ليتضح الأمر فيما نريده من ذلك، وجملة ما نورده من أمثلة الاستعارة أنواع خمسة. النوع الأول الاستعارات القرآنية اعلم أن من حق الاستعارة وحكمها الخاص أن يكون المستعار له مطوى الذكر، وكلما ازداد خفاء ازدادت الاستعارة حسنا، فإن أدخلت على الاستعارة حرف التشبيه فقلت فى قولك رأيت أسدا، رأيت رجلا كالأسد، فقد وضعت تاجها، وسلبتها ديباجها.

1 / 110