ـ[الألغاز النحوية وهو الكتاب المسمى (الطراز في الألغاز)]ـ
المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: ٩١١هـ)
الناشر: المكتبة الأزهرية للثراث
عام النشر: ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٣ م
عدد الأجزاء: ١
أعده للشاملة/ أبو إبراهيم حسانين
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
Page inconnue
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الإمام السيوطى
الحمد لموليه، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وذويه.
هذا كتاب في الألغاز والأحاجي والمطارحات والممتحنات والمعاياة، وهو منثور غير مرتب وسميته:
الطراز في الألغاز
* * *
اللغز النحوي قسمان قسم يطلب به تفسير المعنى وقسم يطلب به تفسير الإعراب
قال الشيخ جمال الدين بن هشام في كتابه (موقظ الوسنان وموقد الأذهان).
اعلم أن اللغز النحوي قسمان، أحدهما ما يطلب به تفسير المعنى، والآخر ما يطلب به وجه الإعراب.
* * *
بعض ألغاز الحريري
* ما يطلب به تفسير المعنى:
فالأول كقول الحريري ما العامل الذي يتصل آخره بأوله - ويعمل معكوسه مثل عمله؟.
1 / 9
وتفسيره: (يا) في النداء فإنه عامل النصب في المنادى وهو حرفان فآخره متصل بأوله ومعكوسه وهو (أي) حرف نداء أيضًا.
وكقوله أيضًا: وما منصوب أبدا على الظرف لا يخفضه سوى حرف.
وجوابه: لفظة (عند)، تقول جلست عنده وأتيت من عنده لا يكون إلا منصوبًا على الظرفية أو مخفوضًا بمن خاصة، فأما قول العامة سرت إلى عنده فخطأ.
فإن قيل: لدن وقبل وبعد بمنزلة عند في ذلك فما وجه تخصيصك إياها؟
قلت: لدن مبنية في أكثر اللغات فلا يظهر فيها نصب ولا خفض، وقبلُ وبعد يكونان مبنيين كثيرًا وذلك إذا قطعا عن الإضافة، وإنما تبين الألغاز والتمثيل بما يكون الحكم فيه ظاهرًا.
وكقوله وأينَ تلبسُ الذكرانُ براقع النسوان، وتبرُز رباتُ الحِجال بعمائم الرجال.
وجوابه: باب العدد من الثلاثة إلى العشرة تثبت التاء فيه في المذكر وتحذف في المؤنث.
* * *
* " ما يطلب به تفسير الإعراب: والثاني - وهو الذي يطلب فيه تفسير الإعراب وتوجيهه، لا بيان المعنى، كقول الشاعر:
جَاءك سُليمانُ أبو هاشما ... فقد غدا سيدها الحارث
1 / 10
شرحه: جاء فعل ماض كسليمان جار ومجرور وعلامة الجر الفتح لأنه لا ينصرف، وإنما أفردت الكاف في الخط ليتأتى الإلغاز، أبوها فاعل جاء، والضمير لامرأة قد عرفت من السياق، شما فعل أمر من شام البرق يشيمه ونونه للتوكيد كتبت بالألف على القياس، سيدها نصب بشم كما تقول انظر سيدَها، والحارث فاعل غدا - انتهى كلام ابن هشام.
* لغز لابن هشام: وقال ابن هشام في (المغني): مسألة يحاجي بها فيقال: ضمير مجرور لا يصح أن يعطف عليه اسم مجرور أعدت الجار أم لم تعده.
وهو الضمير المجرور بلولا نحو لولاي وموسى لا يقال إن موسى فى محل الجر لأنه لا يعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار هنا، لأن لولا لا تجر الظاهر، فلو أعيدت لم تعمل الجر بل يحكم للمعطوف والحالة هذه بالرفع، لأن لولا محكوم لها بحكم الحروف الزائدة والزائدة لا تقدح في كون الاسم مجردًا من العوامل اللفظية، فكذا ما أشبه الزائدة.
عود لألغاز الحريري: قال ما كلمة إن شئتم هي حرف محبوب، أو اسم لما فيه حرف حلوب؟
وأي اسم يتردد بين فرد حازم، وجمع ملازم؟
وأية هاء إذا التحقت أماطت الثقل، وأطلقت المعتقل؟
وأين تدخل السير فتعزل العامل من غير أن تجامل؟
1 / 11
وأي مضاف أخل من عرى الإضافة بعروة، واختلف حكمه بين مساء وغدوة؟
وأي عامل نائبه أرحب منه وكرا، وأعظم مكرا، وأكثر لله تعالى ذكرًا؟
وأين يجب حفظ المراتب على المضروب والضارب.
وأي اسم لا يفهم إلا باستضافة كلمتين، والاقتصار منه على حرفين، وفي وضعه الأول التزام وفى الثاني إلزام؟
وأي وصف إذا أردف بالنون نقص من العيون وقوم بالدون وخرج من الزبون وتعرض للهون.
أراد بالأول نعم.
وبالثاني سراويل.
وبالثالث هاء التأنيث الداخلة على الجمع المتناهى، نحو زنادقة وصياقلة وتبابعة.
وبالرابع باب إنْ المخففة من الثقيلة.
وبالخامس لدن.
وبالسادس باء القسم ونائبه الواو.
وبالسابع نحو كلم موسى عيسى.
1 / 12
وبالأخير نحو ضيف تدخل عليه النون فيقال ضيفن وهو الطفيلى (١).
* * *
أحاجي الزمخشري
وللزمخشري (كتاب الأحاجي) منثور، وشرحه الشيخ علم الدين السخاوي بشرح سماه (تنوير الدياجي في تفسير الأحاجي) وأتبعه بأحاجي له منظومة، وأنا ألخص الجميع هنا:
قال الزمخشري: أخبرني عن فاعل جمع على فعلة، وفعيل جمع على فعلة.
الأول باب قاض وداع. والئانى نحو سرى وسراة.
وقال: أخبرني عن تنوين يجامع لام التعريف، وليس إدخاله على الفعل من التحريف.
هو تنوين الترنم والغالى.
* وقال: أخبرني عن واحد من الأسماء ثني مجموعًا بالألف والتاء؟
* أخبرني عن موحد في معنى اثنين وعن حركة في حكم حركتين؟
* أخبرني عن حركة وحرف قد استويا، وعن ساكنين على غير حدهما قد التقيا.
_________
(١) لم يذكر جواب اللغز الثامن وهو توله: وأي اسم لا يفهم إلا باستضافة كلمتين أو
الاقتصار منه على حرفين وفى وضعه الأول التزام، وفى الثاني إلزام.
1 / 13
* أخبرني عن اسم على أربعة فيه سببان لم يمتنع صرفه بإجماع، وعن آخر ما فيه إلا سبب واحد وهو حقيق بالامتناع.
أخبرني عن فاء ذات فنين وعن لام ذات لونين.
الأولى - نحو البرى والسرى والبث والنث وقاتعه الله وكاتعه بمعنى قاتله، وبيد أني من قريش وميد أني، ونحو وزن وأزن.
وهو قياس مطرد في المضموم وفى المكسور نحو وشاح وإشاح ووعاء وإعاء، والمفتوح نحو وسن وأسن ووبد وأبد إذا غضب، ووله وأله تحير، وما وبه له وما أبه سماع بإجماع.
والثانية - نحو عضه وسنه هي هاء في عضه وعضاه وبعير عاضه وعضه أي راعى العضاه، وعضهه إذا شتمه، وفى نخلة سنهاء وسانهت الأجير، وواو في عضوات وسنوات.
* أخبرني عن نسب بغير يائه - وعن تأنيث بتاء ليس بتائه.
الأول: ما دل عليه بالصيغة نحو عواج وبتار ودراع ولابن، ونظير دلالتي العلامة والصيغة قولك لتضرب واضرب.
والفرق بين البنائين أن فعالا لما هو صيغة وفاعلا لمباشرة الفعل.
والثاني: بنت وأخت لأن تاءهما بدل من الواو والتي هي لام، إلا أن اختصاص المؤنث بالإبدال دون المذكر قام علمًا للتأنيث فكأن هذه التاء لاختصاصها كتاء التأنيث، ونحوها التاء في مسلمات هي
1 / 14
علامة لجمع المؤنث فلاختصاصها بجمع المؤنث كأنها للتأنيث ومن ثَمَّ لم يجمعوا بينها وبين تاء التأنيث فلم يقولوا مسلمتات.
فإن قلت: ما أدراك أنها ليست تاء تأنيث؟
قلت: لو كانت كذلك لقلبها الواقف هاء في اللغة الشائعة.
فإن قلت: فلم قلبها من قلبها هاء في الوقف فقال البنون والبناه؟
قلت: رآها تعطى ما تعطيه تاء التأنيث فتوهمها مثلها.
* أخبرني: عن نعت مجرور ومنعوته مرفوع، وعن منعوت موحد ونعته مجموع.
الأول نحو هذا جحر ضب خرب.
والثاني قول القطامى:
كأن قيودَ رجلى حين ضمتْ ... حَوالب غزرا وَمِعًا جياعا
جعل المعا لفرط جوعه بمنزلة أمعاء جائعة فجمع النعت مع توحيد المنعوت.
* أخبرني عن فصل ليس بين المعرفتين فاصلًا وعن ربَّ على المعرفة داخلًا.
الأول: نحو كان زيد هو خيرًا منك، و﴿إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا﴾ [الكهف: ٣٩].
1 / 15
وإنما ساغ ذلك في أفعل من لامتناعه من دخول لام التعريف عليه امتناع ما فيه التعريف فشبه به وأجرى حكمه عليه.
والثاني: نحو قولهم ربَّ رجل وأخيه، قال سيبويه ولا يجوز حتى تذكر قبله نكرة.
* أخبرني عما ينصب ويجر وهو رفع وعما تدخله التثنية وهو جمع.
الأول: المحكى.
والثاني: قولهم "عندي لقان سوداوان"، وقوله:
بين رِمَاحى مالكٍ ونهشلِ
وقوله:
لا صبَّح الحى أوبادا ولم يجدوا. . . عندَ التفوقِ في الهيْجَا جَمالين
في أخبرني كيف يكون متحرك يلزمه السكون؟
هو عين حى وهى وضف، في قولهم ضَفَّ الحال، وزنها فعل لأنه من باب فرح وبطر وأشر.
* أخبرني عن واحد وجمع لا يفرق بينهما ناطق، إلا أن الضمير بينهما فارق؟
هما فلك وفلك للواحد والجمع ومثله جمل هجان وإبل هجان ودرع دلاص ودروع دلاص.
* أخبرني عن فاعل خفى فما بدا، وآخر لا يخفى أبدًا.
1 / 16
الأول فاعل أفعل وتفعل ونحوهما.
والثاني: الواقع بعد إلا، نحو ما قام إلا زيدًا وإلا أنا.
* أخبرني عن حرف يزاد ثم يزال، وأثره باق ماله انتقال.
هو نون التثنية والجمع تزال وأثرها باق في نحو - هما الضاربا زيد والضاربو زيد.
* أخبرني عن حرف يوحد ثم يكثر، ويؤنث ثم يذكر.
الأول: باب تمرة وتمر.
والثاني: باب العدد ثلاثة إلى عشرة.
* أخبرني عن معرف في حكم التنكير، ومؤنث في معنى التذكير.
الأول مررت بالرجل مثلك، أو برجل مثلك، لا يكاد في نحو هذا الموضع يتبين الفرق بين النكرة والمعرفة. ومثله:
ولقد أمرُّ على اللئيم يَسبُّنى
والثاني باب علَّامة ونسَّابة.
* أخبرني عن واحد يوزن بأربعة، وعن عشرة عند بعضهم متسعة.
الأول هو باب (ق) "فعل أمر من وقى" و(ع) و(ش) ونحوها توزن بأفعل ولا يقال في وزنه ع.
والثاني حروف العطف عند النحويين عشرة وقد تسعها أبو على الفارسي حيث عزل عنها إما.
1 / 17
* أخبرني عن زائد يمنع الإضافة ويؤكدها، ويفك تركيبها ويؤيدها.
هو اللام في قولهم لا أبا لك، هي مانعة للإضافة فاكة لتركيبها بفصلها بين ركنيها وهما المضاف والمضاف إليه.
وهي مع ذلك مؤكدة لمعناها مؤيدة لفائدتها من حيث إنها موضوعة لإعطاء معنى الاختصاص.
ونظيرتها تيم الثانية في (ياتيم تيم عدي) أقحمت بين المضاف والمضاف إليه وتوسطت بينهما، كما قيل بين العصا ولحائها وهي بما حصل بتوسطها من التكرير معطية معنى التوكيد والتشديد.
وهذه اللام لها وجه اعتداد ووجه اطراح، فوجه اعتدادها استصلاحها الأب لدخول لا الطالبة للنكرات عليه.
ووجه اطراحها أن لم تسقط لام الأب الواجبة الثبوت عند الإضافة. ونحوه قولهم "لا يدىْ لك" سقوط النون مع اللام دليل الاطراح، وتنكير المضاف وتهيؤه لدخول (لا) دليل على الاعتداد.
فإن قلت: فكيف صح قولهم لا أباك؟
قلت: اللام مقدرة منوية وإن حذفت من اللفظ، والذي شجعهم على حذفها شهرة مكانها وأنه صار مَعْلَما لاستفاضة استعمالها فيه، وهو نوع من دلالة الحال التي لسانها انطلق من لسان المقال.
ومنه حذف لا في: ﴿تَاللَّهِ تَفْتَأُ﴾ [يوسف: ٨٥].
1 / 18
وحذف الجار في قول رؤبة " خير" إذا صبح عندما قيل له كيف أصبحت؟
ومجمل قراءة حمزة ﴿تَسَاءَلُونَ به وَالأَرْحَامِ﴾ [النساء: ١] عليه سديد، لأن هذا المكان قد شهر بتكرير الجار فقامت الشهرة مقام الذكر.
* أخبرني عن ميمات هن بدل وعوض وزيادة، وعن واحدة هي موصوفة بالجلادة.
البدل نحو إبدال طيىء الميم من لام التعريف، والعوض في اللهم عوضت من حرف النداء، والزيادة في نحو مقتل ومضرب.
والموصوفة بالجلادة هي ميم فم بدل من عين فوه.
قال سيبويه: أبدلوا منها حرفًا أجلد منها وفى مقامة النحوي من النصائح "وتجلد في المضي على عزمك وتصميمه ولا تقصر عما في الفم من جلادة ميمه".
* أخبرني عن اسم بلد فيه أربعة من الحروف الزوائد وكلها أصول غير واحد.
هو يستعور من بلاد الحجاز فيه الياء والسين والتاء والواو من جملة
1 / 19
الزوائد العشرة وكلها أصول في هذا الاسم إلا الواو.
* أخبرني عن مائة في معنى مئات وكلمة في معنى كلمات.
المائة في ثلثمائة في معنى المئات لأن حق مميز الثلاثة إلى العشرة أن يكون جمعًا. والكلمة في معنى كلمات قولهم كلمة الشهادة وكلمة الحويدرة، وقوله تعالى: ﴿إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾ [آل عمران: ٦٤].
* أخبرني عن حرف من حروف الاستثناء، لم يستثن شيئًا قط من الأسماء.
وهو (لما) بمعنى إلا لا يستثنى به الأسماء كما يستثنى بإلا وأخواتها وإنما يقال نشدتك الله لما فعلت وأقسمت عليك لما فعلت.
* أخبرني عن مكبر يحسب مصغرًا، وعن مصغر يحسب مكبرًا.
الأول: سكَّيت بالتشديد يحسبه من ليس بنحوي مصغرًا وهو خطأ ظاهر لأن ياء التصغير لا تقع إلا ثالثة، بل سكيت مكبر كسكيت، وسكيت بالتخفيف مصغرة تصغير الترخيم.
والثاني: حبر ورهو في عداد المكبرات وفى قول الأعرابي الذي سئل عن تصغير الحبارى فقال حبرور.
1 / 20
* أخبرني عن مصغر ليس له تكبير، وعن مكبر ليس له تصغير.
من الأسماء ما وضع على التصغير ليس له مكبر نحو كُمَيْت وكعيت.
ومنها ما ورد مكبرًا ولم يصغر كأين وكيف ومتى والضمائر ونحوها.
* أخبرني عن كلمة تكون اسمًا وحرفًا، وعن أخرى تكون غير ظرف وظرفا.
الأول: على وعن وكاف التشبيه ومذ ومنذ.
والثاني: نحو اليوم والليلة والساعة والحين والخلف والأمام.
* أخبرني عن اسم متى أضيفت أخواته وافقها ومتى أفردت فارقها.
هو ذو بمعنى صاحب وأخواته باقي الأسماء الستة.
* أخبرني عن سبب متى آذن بالذهاب تبعه سائر الأسباب.
هو التعريف في نحو آذربيجان ودرابجرد وخوارزم، إذا ذهب عنه بالتنكير لم يبق لسائر الأسباب أثر وهى التأنيث والعجمة والتركيب.
* أخبرني عن شىء من العلامات يشفع لأخيه في السقوط دون الثبات.
1 / 21
التنوين هو المقصود وحده بالإسقاط في باب ما لا ينصرف، وإنما سقط الجر لأخوة ثبتت بينه وبين التنوين، وذلك أنهما جميعًا لا يكونان في الأفعال ويختصان بالأسماء، فلهذه الأخوة لما سقط التنوين تبعه الجر في السقوط، فالتنوين أصل فيه والجر تبع، كما يسقط الرجل عن منزلته فتسقط أتباعه، وهذا معنى قول النحويين سقط الجر بشفاعة التنوين، فإذا عاد الجر عند الإضافة واللام لم يتصور عود التنوين.
* أخبرني عن حرف تلعب الحركات بما بعده ولا يعمل منها إلا الجر وحده.
هو (حتى) يقع الاسم بعدها مرفوعًا ومنصوبًا ومجرورًا والجر وحده عملها.
* أخبرني عن اسم صحيح أمكن هو فاعل وما هو مرفوع، وعن آخر دخل عليه حرف الجر وهو عن الجر ممنوع.
الأول (غير) وفى قول الشماخ:
لم يخرج الشرب منها غير أن نطقت (١)
والثاني (حين) في قوله:
على حين عاتبت المشيب على الصبا
* أخبرني عن شىء وراء خمسة أشياء يجزم جوابه في الجزاء.
هو الاسم أو الفعل الذي ينزل منزلة الأمر والنهي ويعطى حكمهما. لأن فيه معناهما ومرادهما فيجزم به كما يجزم بهما، وذلك
_________
(١) رواية بيت الشماخ كما حفظنا لم يمنع الشرب. . . إلخ.
1 / 22
قولك، حسبك ينم الناس، واتَّقَى الله امرؤ فعل خيرًا يثبْ عليه، بمعنى ليتق الله وليفعل.
* أخبرني عن ضمير ما اشتق من الفعل، أحق به من الفعل، وفى ذلك انحطاط الفرع عن الأصل.
هو الضمير في قولك هند زيد ضاربته هي، وزيد الفرس راكبه هو، وفى كل موضع جرت فيه الصفة على غير من هي له، فالمشتق من الفعل وهو الصفة أحق به من الفعل، لابد له منه، وللفعل منه بد، إذا قلت هند زيد تضربه وزيد الفرس يركبه، حتى إن جئت به فقلت تضربه هي ويركبه هو كان تأكيدًا للمستكن والسبب قوة الفعل وأصالته في احتمال الضمير، والمشتق منه فرع في ذلك، ففضل الفرع على الأصل.
* أخبرني عن زيادة أوثرت على الأصالة، وعن إمالة ولدت إمالة.
الأول- حذفهم الألف والياء الأصليتين للتنوين في هذه عصا وهذا قاض، وليائي النسب إلى المصطفى، وحذف اللام لألف التكسير وياء التصغير في فرازد وفريزد، وحذف العين في شاك ولاث وإبقاء ألف فاعل وحذف الفاء في يعد لحروف المضارعة، ومن ذلك قول الأخفش فى مقول وحذفه عين مفعول لواوه.
والثاني: قولهم رأيت عمادًا ولقيت عبادًا، أمالوا الألف الأولى لكسرة العين ثم أمالوا الثانية لإمالة الأولى، ونظير تسبب الإمالة
1 / 23
للإمالة تسبب الإلحاق للإلحاق في نحو قولهم الندد، هو ملحق بسفرجل والألف والنون معًا زائدتان للإلحاق، ولولا النون المزيدة للإلحاق لما كانت الهمزة حرف إلحاق، ألا ترى أنها في المد ليست كذلك.
* أخبرني عن حلف ليس بحلف وعن إمالة في غير ألف.
الأول: قولهم بالله إلا زرتني، وبالله لما لقيتني، وبحق ما بيني وبينك لتفعلن، صورته صورة الحلف وليس به، لأن المراد الطلب والسؤال.
والثاني: إمالة للفتحة قبل راء مكسورة نحو الضرر.
أخبرني عن فعل يقع بعد منذ ومذ، وعن جملة يضاف إليها المشبه بإذ.
الأول: نحو ما رأيته مذ كان عندي ومذ جاءني.
والثاني: نحو كان ذاك زمن زيد أمير، وزمن تأمر الحجاج، حق هذه الجملة أن تكون على صفة الجملة التي تضاف إليها (إذ) وهى صفة المضي وتكون فعلية تارة وابتدائية أخرى.
* أخبرني عن لام تحسب للابتداء، والمحققة يأبون ذلك أشد الإباء.
هي اللام الفارقة الداخلة على خبر إن المخففة.
* أخبرني عن دخول أن الخفيفة على بعض الأخبار، غير معوضة واحدًا من جملة الإستار.
1 / 24
أن المخففة إذا دخلت على الفعل وهو المراد بعض الأخبار عوض مما سقط منه أحد الأحرف الأربعة وهى قد وسوف والسين وحرف النفي وشذ تركه فيما حكاه سيبويه "أما أنْ جزاك الله خيرًا".
" أخبرني عن عينين ساكنة يفتحها الجامع ما لم يصف، ومكسور لا يفتحها المتكلم ما لم يضف.
الأولى: باب تمرة يحرك بالفتح في الجمع نحو تَمَرات إلا في الصفة فتقر على سكونها كضخْمات.
والثانية: باب نمر تفتح في النسب نحو نَمَري.
* أخبرني عن حرف يدغم في أخيه ولا يدغم أخوه فيه.
هو اللام تدغم في الراء ولا تدغم الراء فيها.
* أخبرني عن اسم من أسماء العقلاء لا يجمع إلا بالألف والتاء.
هو طلحة.
* أخبرني عن مكبر ومصغر هما في اللفظ مؤتلفان ولكنهما في النية والتقدير مختلفان.
مبيطر ومسيطر إن صغرتهما قلت مبيطر ومسيطر على لفظ التكبير سواء.
* أخبرني عن النسبة إلى نمرات وإلى اسم رجل مسمى بتمرات.
النسبة إلى نمرات جمع نمرة نَمْرى بسكون الميم، لأنك ترد الجمع فى النسبة إلى الواحد.
1 / 25
وإلى تمرات اسم رجل تمرى بفتح الميم لأنك تحذف الألف والتاء عند النسب.
* أخبرني عن اسم ناقص له شتى أوصاف موصول ولازم للإضافة ومضاف إلى فعل وغير مضاف.
هو (ذو) يكون موصولا بمعنى الذي، ولازما للإضافة في نحو ذو مال ومضافًا إلى الفعل في قولهم اذهب بذى تسلم، وغير مضاف فى قولهم الأذواء لذى يزن وذى جدن وذى رعين وغيرهم.
* أخبرني عن اسم تكبيره يجعل ياءه هاء وتصغيره يقلب هاءه ياء.
هو (ذى) في إشارة المؤنث تبدل ياؤه هاء في المكبر منه خاصة.
نحو ذه أمة الله، فإذا صغرته رددته إلى أصلها ياء فتقول في امرأة سميتها بذه ذيبة لا ذهية.
* أخبرني عن الفرق بين ضمتي العليا والعليا وبين ضمتي أولى وأوليا.
الفرق بين الأولين أن الأولى ضمة بناء الفعل والثانية ضمة بناء المصغر.
وأما الأخريان فمتفقتان ضمة المصغر هي ضمة المكبر، لأن اسم الإشارة إذا صغر لم يضم أوله.
* أخبرني عن الفرق بين: لهي أمك، ولهي أبوك، وبين: له ابنك وله أخوك.
1 / 26
لما كان اسم الله ﷾ لا شىء أدور منه على الألسنة خففوه ضروبًا من التخفيف، فقالوا لاه أبوك بحذف اللامين، وقلبوا فقالوا لهي أبوك، وحذفوا من المقلوب فقالوا له أبوك، وبنين لتضمين لام التعريف كأمس، وبني أحدهما على السكون لأنه الأصل ولا مانع.
والثاني على الكسر لأنه الملجأ [البناء على السكون] عند التقاء الساكنين.
والثالث على الفتح لاستثقال الكسرة على ما هو من جنسها.
* أخبرني عن مذكر لا يجمع إلا بالألف والتاء - وعن مؤنث يجمع بالواو والنون من غير العقلاء.
الأول: نحو سرادق وحمام.
والثاني: باب سنين وأرضين.
* أخبرني عن مجموع في معنى المثنى وعن واحد من واحد مستثنى.
الأول: نحو قوله تعالى: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤].
والثاني: ما جاء في لغة بني تميم من قولهم ما أتاني زيد إلا عمرو بمعنى ما أتاني زيد لكن عمرو، ومنها قولهم ما أعانه إخوانكم إلا إخوانه.
هذا آخر أحاجي الزمخشري ونعقبها بأحاجي السخاوي.
1 / 27