Tibyan
التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي
Genres
تفسير التبيان ج1
أحدهما - ما روي عن ابن عباس أنه على الذم والاستبطاء والثاني - ما روي عن ابن مسعود انهم لايرجعون إلى الاسلام وقال قوم: إنهم لا يرجعون عن شراء الضلالة بالهدى وهو أليق بما تقدم وهذا يدل على أن قوله: " ختم الله على قلوبهم " وطبع الله عليها ليس هو على وجه الحيلولة بينهم وبين الايمان لانه وصفهم بالصم والبكم والعمى مع صحة حواسهم وانما أخبر بذلك عن إلفهم الكفر واستثقالهم للحق والايمان كأنهم ما سمعوه ولا رأوه
فلذلك قال: " طبع الله على قلوبهم " " وأضلهم " " وأصمهم " " وأعمى أبصارهم " " وجعل على قلوبهم أكنة " " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " وكان ذلك إخبارا عما أحدثوه عند امتحان الله إياهم وأمره لهم بالطاعه والايمان لانه ما فعل بهم ما منعهم من الايمان وقد يقول الرجل: حب المال قد اعمى فلانا واصمه ولا يريد بذلك نفي حاسته لكنه اذا شغله عن الحقوق والقيام بمايجب عليه قيل: اصمه واعماه وكما قيل في المثل: حبك للشئ يعمي ويصم - يريدون به ما قلناه - وقال مسكين الدارمي:
اعمى اذا ما جارتي خرجت
حتى يواري جارتي الخدر
ويصم عما كان بينهما
سمعي وما بي غيره وقر(1)
وقال آخر: اصم عما ساءه سميع فجمع الوصفين وانما جاز (صم وبكم) بعد وصف حالهم في الآخرة كمافي قوله: (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) لامرين: احدهما - ان المعتمد من الكلام على ضرب المثل لهم في الدنيا في الانتفاع باظهار الايمان الثاني إنه اعتراض بين مثلين بما يحقق حالهم فيهما على سائر امرهما وقيل إن معناه: التقديم والتأخير
---
(1) في الطبعة الايرانية بدل " يصم " " تصم " وبدل: " سمعي " " أذني " وبدل " بي " " في " وبدل " غيره " " سمعها " والبيتان في " معجم الادباء 11: 132 تفسير التبيان ج1
Page 89