تخصيص الاولى.
وقال قوم: انهما مع الايتين اللتين بعدهما أربع آيات نزلت في مؤمني أهل الكتاب لانه ذكرهم في بعضها وقال قوم: ان الاربع آيات من أول السورة نزلت في جميع المؤمنين واثنتان نزلتا في نعت الكافرين وثلاثة عشر في المنافقين وهذا أقوى الوجوه لانه حمل على عمومه وحكي ذلك عن مجاهد وقوله: " يقيمون الصلاة " فاقامتها أداؤها بحدودها وفرائضها وواجباتها كما فرضت عليهم يقال: أقام القوم سوقهم إذا لم يعطلوها من البيع والشراء قال الشاعر:
أقمنا لاهل العراقين سوق الضراب فخاموا وولوا جميعا
وقال أبومسلم محمد بن بحر: معنى (يقيمون الصلاة) يديمون أداء فرضها يقال للشئ الراتب قائم ولفاعله مقيم ومن ذلك: فلان يقيم أرزاق الجند وقيل انه مشتق من تقويم الشئ من قولهم: قام بالامر إذا أحكمه وحافظ عليه قيل انه مشتق مما فيه من القيام ولذلك قيل قد قامت الصلاة وأما الصلاة فهي الدعاء في اللغة، قال الشاعر:
وقابلها الريح في دنها(1)
وصلى على دنها وارتسم
أي دعا لها وقال الاعشى:
لها حارس لا يبرح الدهر بيتها
فان ذبحت صلى عليها وزمزما(2)
يعني دعا لها.
وأصل الاشتقاق في الصلاة من اللزوم من قوله تصلى نارا حامية والمصدر الصلا ومنه اصطلى بالنار إذا لزمها والمصلى الذي يحبئ في اثر السابق للزوم أثره ويقال للعظم الذي في العجز صلوا وهما صلوان فأما في الشرع ففي الناس من قال إنها تخصصت بالدعاء والذكر في موضع مخصوص ومنهم من قال وهو الصحيح انها في الشرع عبارة عن الركوع والسجود على وجه مخصوص وأركان واذ كار مخصوصة قيل انها سميت صلاة
---
(1) وفي رواية: ظلها.
(2) الزمزمة: صوت بعيد له دوي.
Page 55