نصر المؤمنين قيل لعمر الله هذا من أعظم منته على عباده أن جعل على نفسه حقا بحكم وعده لصادق أن يثيبهم ولا يعذبهم إذا عبدوه ووحدوه فهذا من تمام منته فإنه لو عذب أهل سمواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولكن منته اقتضت أن أحق على نفسه ثواب عابديه وإجابة سائليه:
ما للعباد عليه حق واجب ... كلا ولا سعى لديه ضائع
إن عذبوا فبعد له أو نعموا ... فبفضله فهو الكريم الواسع
وقوله سبحانه ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ أصح القولين أن هذا خطاب للإنسان أي فما يكذبك بالجزاء والمعاد بعد هذا البيان وهذا البرهان فتقول إنك لا تبعث ولا تحاسب ولو تفكرت في مبدأ خلقك وصورتك لعلمت أن الذي خلقك أقدر على أن يعيدك بعد موتك وينشئك خلقًا جديدًا وأن ذلك لو أعجزه لأعجزه وأعياه خلقك الأول وأيضًا فإن الذي كمل خلقك في أحسن تقويم بعد أن كنت نطفة من ماء مهين كيف يليق به أن يتركك سدى لا يكمل ذلك بالأمر والنهي وبيان ما ينفعك ويضرك ولا تنقل لدار هي أكمل من هذه ويجعل هذه الدار طريقًا لك إليها فحكمة أحكم الحاكمين تأبى ذلك وتقضي خلافه قال منصور قلت لمجاهد ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ عنى به محمدًا فقال معاذ الله إثما عنى به الإنسان وقال قتادة الضمير للنبي
1 / 51