قال الذهبي: اعلم! أن فضلة هضم العين الرمض, وجعلت مالحة لئلا تعفن, وفضلة هضم الأذن وسخها وجعل مرا لئلا يتولد فيها الدود وفضلة هضم الدماغ المخاط والبصاق وفضلة هضم النجو, وفضلة هضم الكبد البول والسوداء والصفراء, وفضلة هضم القلب والمثانة نبات الشعر الذي أمر الشارع عليه السلام نتفه من الإبط وحلقه من العانة, وفضلة هضم سائر الأعضاء العرق والوسخ والشعر منه ما هو للزينة مثل شعر الرأس والحاجبين فلو تصورنا رجلا أقرع محلوق شعر الحاجبين [والعينين] لكان أشنع الأشكال وأقبحها، ألا ترى القلندرية مات أقبح أشكالهم وأشنعها، ومثل شعر اللحية فإنه يزيد الرجل مهابة ووقارا ألا ترى الخصيان عند كبرهم ما أقبح وجوههم، ومنه ما هو للزينة والوقار مثل شعر هدب العينين، ومن تمام حكمة الله أن جعل شعر الحاجبين والعينين واقفا لا يطول، إذ لو طال لأنسل على العينين وأضر بالبصر، ولو كان نابتا إلى فوق أو أسفل لفات البصر، ومنه ما هو لا للزينة ولا للوقار مثل شعر العانة والإبطين، ولذلك أمر الشارع بحلقها ونتفه وخصت بالحلق لأنه يقوي شهوة النكاح كما أن حلق مؤخر الرأس يغلظ العنق، ومن تمامها أن جعل في رؤوس الأصابع الأظفار لتقوى حركتها وتمنع رؤوس الأصابع من التأكل وجعلت تطول في كل وقت إذ لو كانت واقفه لا تطول لتأكلت لكثرة الاستعمال.
وقد وردت السنة بتقليمها كما ورد في دفنها آثار كالشعر، وروى أنه أمر بذلك لئلا يتلعب به سحرة بني آدم - انتهى.
ذكر تدبير المسكن والهواء وهو أول الأسباب الضرورية
أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن رهطا من عكل أو عرينة قدموا فاجتووا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلقاح وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من ألبانها وأبوالها. - اجتووا المدينة أي استوخموها.
وأخرج أبو داود وابن السني وأبو نعيم، عن فروة بن مسيك رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله!. إن عندنا أرضا يقال لها أبيب هي أرض رتيعا وهي ميرتنا وهي شديدة الوباء فقال: دعها عنك فإن في القرف التلف. قال الخطابي: ليس هذا من باب العدوى وإنما هو من باب الطب فإن استصلاح الأهوية من أهون الأشياء على صحة الأبدان وفساد الهوى من أضرها وأسرعها إلى أسقام الأبدان عن الأطباء.
Page 48