قال في القانون: الأعضاء أجسام متولدة من أول مزاج الأخلاط كما أن الأخلاط متولدة من مزاج الأركان والأعضاء قسمان مفردة ومركبة، فالمفردة هي التي يستوي فيها اسم الكل والجزء كاللحم والعظم والعصب، تسمى متشابهة الأجزاء والمركبة بخلافها كالوجه واليد. فإن جزء الوجه ليس بوجه وجزء اليد ليس بيد، وتسمى أعضاء آلية لأنها آلات النفس في تمام الحركات والأفعال وأول الأعضاء المتشابهة الأجزاء العظم وقد خلق صلبا لأنه أساس البدن ودعامة الحركات، ثم الغضروف وهو ألين من العظم وينعطف وأصلب من سائر الأعضاء والمنفعة فيه أن يحسن به اتصال الأعظام الأعضاء اللينة فلا يكون الصلب واللين قد تركبا بلا متواسط فيتأدى للين بالصلب، وخصوصا عند الضربة والضغطة بل يكون التركيب مدرجا في مثل ما في عظم الكتف والشراسيف في أضلاع الخلف ومثل الغضروف الحجري تحت القس وأيضا ليحسن تجاوز المفاصل المتحاكة فلا ترتض لصلابتها.
ثم العصب وهي أجسام دماغية المنبت أو نخاعية المنبت بيض لزجة لينة في الانعطاف صلبة في الانفصال خلقت ليتم بها للأعضاء الإحساس والحركة ثم الأوتار وهي أجسام تنبت من أطراف العضل شبيهة بالعصب فتلاقي الأعضاء المتحركة فتارة تجذبها بانجذابتها لتشنج العضلة وباجتماعها ورجوعها إلى ورائها وتارة ترخيها باسترخائها لانبساط العضلة عائدة إلى وضعها وزائدة على مقدارها في طولها.
ثم الرباطات وهي أجسام شبيهة بالعصب فما امتد منها إلى العضلة سمي رباطا مطلقا وما لم يمتد إليها ولكن وصل بين طرفي المفصل أو بين أعضاء أخرى وأحكم سد شيء إلى شيء خص باسم العصب مع تسميته رباطا وليس لشيء من الروابط حس لئلا يتأتى لكثرة ما يلزمه من الحركة والحك.
ثم الشريانات وهي أجسام نابتة من القلب ممتدة مجوفة طولا عصبانية رباطية الجواهر لها حركات منقبضة تنفصل بسكونات خلقت لترويج القلب وينفش البخار الدخاني عنه ولتوزيع الروح على أعضاء البدن ثم الأوردة وشبيهة ولكنها نابتة من الكبد وساكنة لتوزع الدم على أعضاء البدن.
ثم الأغشية وهي أجسام منتسجة من ليف عصباني غير محسوس رقيقة مستعرضة تغشى سطوح أجسام أخرى وتجرى لتحفظ جملتها على شكلها وهيئتها ولتعلقها بأعضاء أخرى وتربطها بها بواسطة العصب والرباط الذي يسطى إلى لبنها فانتسجت منه بالكلية من الصلب ولتكون الأعضاء القديمة الحس في جواهرها سطح حساس بالذات لما تلاقيه وحساس لما يحدث في الجسم الملفوف فيه بالمعرض ولهذه الأعضاء مثل الرية والكبد والطحال والكليتين فإنها لا تحسن بجواهرها البتة إنما تحسن بالأمور الصادمة لها ما عليها من الأغشية.
Page 27