La médecine prophétique

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
37

La médecine prophétique

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Maison d'édition

دار الهلال

Numéro d'édition

-

Lieu d'édition

بيروت

وَعَلَى أَنَّ قَتْلَ الْغِيلَةِ يُوجِبُ قَتْلَ الْقَاتِلِ حَدًّا، فَلَا يُسْقِطُهُ الْعَفْوُ، وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُكَافَأَةُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أحمد، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَأَفْتَى بِهِ. فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ الْجُرْحِ فِي «الصَّحِيحَيْنِ»: عَنْ أبي حازم، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَسْأَلُ عَمَّا دُووِيَ بِهِ جُرْحُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: «جُرِحَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَكَانَتْ فاطمة بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَغْسِلُ الدَّمَ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فاطمة الدَّمَ لَا يَزِيدُ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا حَتَّى إِذَا صَارَتْ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ» «١»، بِرَمَادِ الْحَصِيرِ الْمَعْمُولِ مِنَ الْبَرْدِيِّ «٢» وَلَهُ فِعْلٌ قَوِيٌّ فِي حَبْسِ الدَّمِ، لِأَنَّ فِيهِ تَجْفِيفًا قَوِيًّا، وَقِلَّةَ لَذْعٍ، فَإِنَّ الْأَدْوِيَةَ الْقَوِيَّةَ التَّجْفِيفِ إِذَا كَانَ فِيهَا لَذْعٌ هَيَّجَتِ الدَّمَ وَجَلَبَتْهُ، وَهَذَا الرَّمَادُ إِذَا نُفِخَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ الْخَلِّ فِي أَنْفِ الرَّاعِفِ قُطِعَ رُعَافُهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ: الْبَرْدِيُّ يَنْفَعُ مِنَ النَّزْفِ، وَيَمْنَعُهُ، وَيُذَرُّ عَلَى الْجِرَاحَاتِ الطَّرِيَّةِ، فَيُدْمِلُهَا، وَالْقِرْطَاسُ الْمِصْرِيُّ كَانَ قَدِيمًا يُعْمَلُ مِنْهُ، وَمِزَاجُهُ بَارِدٌ يَابِسٌ، وَرَمَادُهُ نَافِعٌ مِنْ أَكَلَةِ الْفَمِ، وَيَحْبِسُ نَفْثَ الدم، ويمنع القروح الخبيثة أن تسعى.

(١) أخرجه البخاري في الجهاد ومسلم في الجهاد أيضا «رباعيته» السن التي بين الثنية والناب، والجمع رباعيات: ويقال للذي يلقي رباعيته: رباع: بوزن ثمان و«هشمت» الهشم: كسر الشيء اليابس. «البيضة» واحدة البيض من الحديد «المجن» بالكسر الترس (٢) البرديّ: نبات يعمل منه الحصر. انظر المصباح المنير

1 / 39