241

La médecine prophétique

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Maison d'édition

دار الهلال

Numéro d'édition

-

Lieu d'édition

بيروت

وَفِي «صَحِيحِ مسلم»: أَنَّهُ ﷺ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ، بَدَأَ بِالسِّوَاكِ «١» . وَالْأَحَادِيثُ فِيهِ كَثِيرَةٌ، وَصَحَّ عَنْهُ مِنْ حَدِيثٍ أَنَّهُ اسْتَاكَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِسِوَاكِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ «٢»، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أكثر تعليكم فِي السِّوَاكِ» «٣» . وَأَصْلَحُ مَا اتُّخِذَ السِّوَاكُ مِنْ خَشَبِ الْأَرَاكِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ شَجَرَةٍ مَجْهُولَةٍ، فَرُبَّمَا كَانَتْ سُمًّا، وَيَنْبَغِي الْقَصْدُ فِي اسْتِعْمَالِهِ، فَإِنْ بَالَغَ فِيهِ، فَرُبَّمَا أَذْهَبَ طَلَاوَةَ الْأَسْنَانِ وَصِقَالَتَهَا، وَهَيَّأَهَا لِقَبُولِ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ مِنَ الْمَعِدَةِ وَالْأَوْسَاخِ، وَمَتَى اسْتُعْمِلَ بِاعْتِدَالٍ، جَلَا الْأَسْنَانَ، وَقَوَّى الْعَمُودَ، وَأَطْلَقَ اللِّسَانَ، وَمَنَعَ الْحَفَرَ، وَطَيَّبَ النَّكْهَةَ، وَنَقَّى الدِّمَاغَ، وَشَهَّى الطَّعَامَ. وَأَجْوَدُ مَا اسْتُعْمِلَ مَبْلُولًا بِمَاءِ الْوَرْدِ، وَمِنْ أَنْفَعِهِ أُصُولُ الْجَوْزِ. قَالَ صَاحِبُ «التَّيْسِيرِ»: زَعَمُوا أَنَّهُ إِذَا اسْتَاكَ بِهِ الْمُسْتَاكُ كُلَّ خَامِسٍ مِنَ الْأَيَّامِ، نَقَّى الرَّأْسَ، وَصَفَّى الْحَوَاسَّ، وَأَحَدَّ الذِّهْنَ. وَفِي السِّوَاكِ عِدَّةُ مَنَافِعَ: يُطَيِّبُ الْفَمَ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ، وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ، وَيَجْلُو الْبَصَرَ، وَيَذْهَبُ بِالْحَفَرِ، وَيُصِحُّ الْمَعِدَةَ، وَيُصَفِّي الصَّوْتَ، وَيُعِينُ عَلَى هَضْمِ الطَّعَامِ، وَيُسَهِّلُ مَجَارِيَ الْكَلَامِ، وَيُنَشِّطُ لِلْقِرَاءَةِ، وَالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ، وَيَطْرُدُ النَّوْمَ، وَيُرْضِي الرَّبَّ، وَيُعْجِبُ الْمَلَائِكَةَ، وَيُكْثِرُ الْحَسَنَاتِ. وَيُسْتَحَبُّ كُلَّ وَقْتٍ، وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ، وَالِانْتِبَاهِ مِنَ النَّوْمِ، وَتَغْيِيرِ رَائِحَةِ الْفَمِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُفْطِرِ وَالصَّائِمِ فِي كُلِّ وَقْتٍ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ، وَلِحَاجَةِ الصَّائِمِ إِلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، وَمَرْضَاتُهُ مَطْلُوبَةٌ فِي الصَّوْمِ أَشَدُّ مِنْ طَلَبِهَا فِي الْفِطْرِ، وَلِأَنَّهُ مَطْهَرَةٌ للفم، والطهور للصائم من أفضل أعماله.

(١) أخرجه مسلم. (٢) أخرجه البخاري. (٣) أخرجه البخاري في الجمعة.

1 / 243