La médecine prophétique
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Maison d'édition
دار الهلال
Numéro d'édition
-
Lieu d'édition
بيروت
فَأَمَّا الْآسُ فَمِزَاجُهُ بَارِدٌ فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُرَكَّبٌ مِنْ قُوًى مُتَضَادَّةٍ، وَالْأَكْثَرُ فِيهِ الْجَوْهَرُ الْأَرْضِيُّ الْبَارِدُ، وَفِيهِ شَيْءٌ حَارٌّ لَطِيفٌ، وَهُوَ يُجَفِّفُ تَجْفِيفًا قَوِيًّا، وَأَجْزَاؤُهُ مُتَقَارِبَةُ الْقُوَّةِ، وَهِيَ قُوَّةٌ قَابِضَةٌ حَابِسَةٌ مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ مَعًا.
وَهُوَ قَاطِعٌ لِلْإِسْهَالِ الصَّفْرَاوِيِّ، دَافِعٌ لِلْبُخَارِ الْحَارِّ الرَّطْبِ إِذَا شُمَّ، مُفْرِحٌ لِلْقَلْبِ تَفْرِيحًا شَدِيدًا، وَشَمُّهُ مَانِعٌ للوباء، وكذلك افتراشه في البيت.
ويبرىء الْأَوْرَامَ الْحَادِثَةَ فِي الْحَالِبَيْنِ إِذَا وُضِعَ عَلَيْهَا، وَإِذَا دُقَّ وَرَقُهُ وَهُوَ غَضٌّ وَضُرِبَ بِالْخَلِّ، وَوُضِعَ عَلَى الرَّأْسِ، قَطَعَ الرُّعَافَ، وَإِذَا سُحِقَ وَرَقُهُ الْيَابِسُ، وَذُرَّ عَلَى الْقُرُوحِ ذَوَاتِ الرُّطُوبَةِ نَفَعَهَا، وَيُقَوِّي الْأَعْضَاءَ الْوَاهِيَةَ إِذَا ضُمِّدَ بِهِ، وَيَنْفَعُ دَاءَ الدَّاحِسِ، وَإِذَا ذُرَّ عَلَى الْبُثُورِ وَالْقُرُوحِ الَّتِي فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، نَفَعَهَا.
وَإِذَا دُلِّكَ بِهِ الْبَدَنُ قَطَعَ الْعَرَقَ، وَنَشَّفَ الرُّطُوبَاتِ الفضيلة، وَأَذْهَبَ نَتْنَ الْإِبِطِ، وَإِذَا جُلِسَ فِي طَبِيخِهِ، نَفَعَ مِنْ خَرَارِيجِ الْمَقْعَدَةِ وَالرَّحِمِ، وَمِنِ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ، وَإِذَا صُبَّ عَلَى كُسُورِ الْعِظَامِ الَّتِي لَمْ تَلْتَحِمْ، نَفَعَهَا.
وَيَجْلُو قُشُورَ الرَّأْسِ وَقُرُوحَهُ الرَّطْبَةَ، وَبُثُورَهُ، وَيُمْسِكُ الشَّعْرَ الْمُتَسَاقِطَ وَيُسَوِّدُهُ، وَإِذَا دُقَّ وَرَقُهُ، وَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ يَسِيرٌ، وَخُلِطَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ زَيْتٍ أَوْ دُهْنِ الْوَرْدِ، وَضُمِّدَ بِهِ، وَافَقَ الْقُرُوحَ الرَّطْبَةَ وَالنَّمْلَةَ وَالْحُمْرَةَ، وَالْأَوْرَامَ الْحَادَّةَ، وَالشَّرَى وَالْبَوَاسِيرَ.
وَحَبُّهُ نَافِعٌ مَنْ نَفْثِ الدَّمِ الْعَارِضِ فِي الصَّدْرِ وَالرِّئَةِ، دَابِغٌ لِلْمَعِدَةِ وَلَيْسَ بِضَارٍّ لِلصَّدْرِ وَلَا الرِّئَةِ لِجَلَاوَتِهِ، وَخَاصِّيَّتُهُ النَّفْعُ مِنِ اسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ مَعَ السُّعَالِ، وَذَلِكَ نَادِرٌ فِي الْأَدْوِيَةِ، وَهُوَ مُدِرٌّ لِلْبَوْلِ، نَافِعٌ مَنْ لَذْعِ الْمَثَانَةِ، وَعَضِّ الرُّتَيْلَاءِ، وَلَسْعِ الْعَقَارِبِ، وَالتَّخَلُّلُ بِعِرْقِهِ مُضِرٌّ، فَلْيُحْذَرْ.
وَأَمَّا الرَّيْحَانُ الْفَارِسِيُّ الَّذِي يُسَمَّى الْحَبَقَ، فَحَارٌّ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، يَنْفَعُ شَمُّهُ مِنَ الصُّدَاعِ الْحَارِّ إِذَا رُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُبَرِّدُ، وَيُرَطِّبُ بِالْعَرَضِ، وَبَارِدٌ فِي الْآخَرِ، وَهَلْ هُوَ رَطْبٌ أَوْ يَابِسٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّ فِيهِ مِنَ الطَّبَائِعِ الأربع،
1 / 236