La médecine prophétique
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Maison d'édition
دار الهلال
Numéro d'édition
-
Lieu d'édition
بيروت
حرف الحاء
أحناء: قد تقدمت الأحاديث، وَذِكْرِ مَنَافِعِهِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
حَبَّةُ السَّوْدَاءِ: ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ»: مِنْ حَدِيثِ أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ، فَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ» . وَالسَّامُ: الْمَوْتُ «١» .
الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ: هِيَ الشُّونِيزُ فِي لُغَةِ الْفُرْسِ، وَهِيَ الْكَمُّونُ الْأَسْوَدُ، وَتُسَمَّى الْكَمُّونَ الْهِنْدِيَّ، قَالَ الحربي، عَنِ الحسن: إِنَّهَا الْخَرْدَلُ، وَحَكَى الهروي: أَنَّهَا الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ ثَمَرَةُ الْبُطْمِ، وَكِلَاهُمَا وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهَا الشُّونِيزُ.
وَهِيَ كَثِيرَةُ الْمَنَافِعِ جِدًّا، وَقَوْلُهُ: «شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ»، مِثْلُ قَوْلِهِ تعالى: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها «٢» أي: كلّ شيء بقبل التَّدْمِيرَ وَنَظَائِرَهُ، وَهِيَ نَافِعَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْرَاضِ الْبَارِدَةِ، وَتَدْخُلُ فِي الْأَمْرَاضِ الْحَارَّةِ الْيَابِسَةِ بِالْعَرَضِ، فَتُوَصِّلُ قُوَى الْأَدْوِيَةِ الْبَارِدَةِ الرَّطْبَةِ إِلَيْهَا بِسُرْعَةِ تَنْفِيذِهَا إِذَا أُخِذَ يَسِيرُهَا.
وَقَدْ نَصَّ صَاحِبُ «الْقَانُونِ» وَغَيْرُهُ عَلَى الزَّعْفَرَانِ فِي قُرْصِ الْكَافُورِ لِسُرْعَةِ تَنْفِيذِهِ وَإِيصَالِهِ قُوَّتَهُ، وَلَهُ نَظَائِرُ يَعْرِفُهَا حُذَّاقُ الصِّنَاعَةِ، وَلَا تَسْتَبْعِدْ مَنْفَعَةَ الْحَارِّ فِي أَمْرَاضٍ حَارَّةٍ بِالْخَاصِّيَّةِ، فَإِنَّكَ تَجِدُ ذَلِكَ فِي أَدْوِيَةٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا: الْأَنْزَرُوتُ وَمَا يُرَكَّبُ مَعَهُ مِنْ أَدْوِيَةِ الرَّمَدِ، كَالسُّكَّرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُفْرَدَاتِ الْحَارَّةِ، وَالرَّمَدُ وَرَمٌ حَارٌّ بِاتِّفَاقِ الْأَطِبَّاءِ، وَكَذَلِكَ نَفْعُ الْكِبْرِيتِ الْحَارِّ جِدًّا مِنَ الْجَرَبِ.
وَالشُّونِيزُ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ، مُذْهِبٌ لِلنَّفْخِ، مُخْرِجٌ لِحَبِّ الْقَرَعِ، نَافِعٌ مِنَ الْبَرَصِ وَحُمَّى الرِّبْعِ وَالْبَلْغَمِيَّةِ مُفَتِّحٌ لِلسُّدَدِ، وَمُحَلِّلٌ لِلرِّيَاحِ، مُجَفِّفٌ لِبَلَّةِ الْمَعِدَةِ وَرُطُوبَتِهَا. وَإِنْ دُقَّ وَعُجِنَ بِالْعَسَلِ، وَشُرِبَ بالماء الحار، أذاب الحصاة التي تكون
(١) أخرجه البخاري في الطب، ومسلم في السلام.
(٢) الأحقاف- ٢٥.
1 / 223