219

La médecine prophétique

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Maison d'édition

دار الهلال

Numéro d'édition

-

Lieu d'édition

بيروت

لِلْعَطَشِ، مُطْلِقٌ لِلْبَطْنِ، مُدِرٌّ لِلْبَوْلِ، يَقُومُ فِي لَسْعِ الْهَوَامِّ وَجَمِيعِ الْأَوْرَامِ الْبَارِدَةِ مَقَامَ التِّرْيَاقِ، وَإِذَا دُقَّ وَعُمِلَ مِنْهُ ضِمَادٌ عَلَى نَهْشِ الْحَيَّاتِ، أَوْ عَلَى لَسْعِ الْعَقَارِبِ، نَفَعَهَا وَجَذَبَ السُّمُومَ مِنْهَا، وَيُسَخِّنُ الْبَدَنَ، وَيَزِيدُ فِي حَرَارَتِهِ، وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ، وَيُحَلِّلُ النَّفْخَ وَيُصَفِّي الْحَلْقَ، وَيَحْفَظُ صِحَّةَ أَكْثَرِ الْأَبْدَانِ، وَيَنْفَعُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمِيَاهِ، وَالسُّعَالِ الْمُزْمِنِ، وَيُؤْكَلُ نِيئًا وَمَطْبُوخًا وَمَشْوِيًّا، وَيَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ الصَّدْرِ مِنَ الْبَرْدِ، وَيُخْرِجُ الْعَلَقَ مِنَ الْحَلْقِ، وَإِذَا دُقَّ مَعَ الْخَلِّ وَالْمِلْحِ وَالْعَسَلِ، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى الضِّرْسِ الْمُتَأَكِّلِ، فَتَّتَهُ وَأَسْقَطَهُ، وَعَلَى الضِّرْسِ الْوَجِعِ، سَكَّنَ وَجَعَهُ، وَإِنْ دُقَّ مِنْهُ مِقْدَارُ دِرْهَمَيْنِ، وَأُخِذَ مَعَ مَاءِ الْعَسَلِ، أَخْرَجَ الْبَلْغَمَ وَالدُّودَ، وَإِذَا طُلِيَ بِالْعَسَلِ عَلَى الْبَهَقِ، نَفَعَ. وَمِنْ مَضَارِّهِ: أَنَّهُ يُصَدِّعُ، وَيَضُرُّ الدِّمَاغَ وَالْعَيْنَيْنِ، وَيُضْعِفُ الْبَصَرَ وَالْبَاهَ، وَيُعَطِّشُ، وَيُهَيِّجُ الصَّفْرَاءَ، وَيُجَيِّفُ رَائِحَةَ الْفَمِ، وَيُذْهِبُ رَائِحَتَهُ أن يمضغ عليه ورق السّذاب. ثريد: ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» «١» . وَالثَّرِيدُ وَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا، فَإِنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَالْخُبْزُ أَفْضَلُ الْأَقْوَاتِ، وَاللَّحْمُ سَيِّدُ الْإِدَامِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا غَايَةٌ. وَتَنَازَعَ النَّاسُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْخُبْزِ أَكْثَرُ وَأَعَمُّ، وَاللَّحْمُ أَجَلُّ وَأَفْضَلُ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِجَوْهَرِ الْبَدَنِ مِنْ كُلِّ مَا عَدَاهُ، وَهُوَ طَعَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لِمَنْ طَلَبَ الْبَقْلَ، وَالْقِثَّاءَ، وَالْفُومَ، وَالْعَدَسَ، وَالْبَصَلَ: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ «٢»، وَكَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ الْفُومَ الْحِنْطَةُ، وَعَلَى هَذَا فَالْآيَةُ نَصٌّ عَلَى أَنَّ اللَّحْمَ خير من الحنطة.

(١) أخرجه البخاري ومسلم في فضائل أصحاب النبي ﷺ. (٢) البقرة- ٦٢.

1 / 221