207

La médecine prophétique

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Maison d'édition

دار الهلال

Numéro d'édition

-

Lieu d'édition

بيروت

حازم، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ مَرْفُوعًا، وَفِي صِحَّتِهِ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ نَظَرٌ، وَقَدْ رَمَى النَّاسُ سُوَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ رَاوِيَ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْعَظَائِمِ، وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: هُوَ سَاقِطٌ كَذَّابٌ، لَوْ كَانَ لِي فَرَسٌ وَرُمْحٌ كُنْتُ أَغْزُوهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ قَدْ عَمِيَ فَيُلَقَّنُ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَأْتِي المعضلات عَنِ الثِّقَاتِ يَجِبُ مُجَانَبَةُ مَا رَوَى. انْتَهَى. وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ: إِنَّهُ صَدُوقٌ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ، ثُمَّ قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ: هُوَ ثِقَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَبِرَ كان ربما قرىء عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِيهِ بَعْضُ النَّكَارَةِ فَيُجِيزُهُ انْتَهَى. وَعِيبَ عَلَى مسلم إِخْرَاجُ حَدِيثِهِ، وَهَذِهِ حَالُهُ، وَلَكِنْ مسلم رَوَى مِنْ حَدِيثِهِ مَا تَابَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا وَلَا شَاذًّا بِخِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أعلم. فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ بِالطِّيبِ لَمَّا كَانَتِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ غِذَاءَ الرُّوحِ، وَالرُّوحُ مَطِيَّةُ الْقُوَى، وَالْقُوَى تَزْدَادُ بِالطِّيبِ، وَهُوَ يَنْفَعُ الدِّمَاغَ وَالْقَلْبَ، وَسَائِرَ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَيُفَرِّحُ الْقَلْبَ، وَيَسُرُّ النَّفْسَ وَيَبْسُطُ الرُّوحَ، وَهُوَ أَصْدَقُ شَيْءٍ لِلرُّوحِ، وَأَشَدُّهُ مُلَاءَمَةً لَهَا، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّوحِ الطَّيِّبَةِ نِسْبَةٌ قَرِيبَةٌ. كَانَ أَحَدَ الْمَحْبُوبِينَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى أَطْيَبِ الطَّيِّبِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ. وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» أَنَّهُ ﷺ كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ «١» . وَفِي «صَحِيحِ مسلم» عَنْهُ ﷺ: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ، فَلَا يَرُدَّهُ فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ، خَفِيفُ الْمَحْمَلِ» «٢» . وَفِي «سُنَنِ أبي داود» وَالنَّسَائِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ

(١) أخرجه البخاري في اللباس. (٢) أخرجه مسلم.

1 / 209