La médecine prophétique
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Maison d'édition
دار الهلال
Numéro d'édition
-
Lieu d'édition
بيروت
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَقُولُونَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أبو داود «لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ، وَالْحُمَةُ: ذَوَاتُ السُّمُومِ كُلُّهَا.
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ ﷺ لَمْ يُرِدْ بِهِ نَفْيَ جَوَازِ الرُّقْيَةِ فِي غَيْرِهَا، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ لَا رُقْيَةَ أَوْلَى وَأَنْفَعُ مِنْهَا فِي الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ قَالَ لَهُ لما أصابته العين أّو في الرُّقَى خَيْرٌ؟ فَقَالَ «لَا رُقْيَةَ إِلَّا فِي نَفْسٍ أَوْ حُمَةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ سَائِرُ أَحَادِيثِ الرُّقَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَقَدْ رَوَى أبو داود مِنْ حَدِيثِ أنس قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا رُقْيَةَ إِلَّا من عين أو حمة أو دم يفرقأ «١» .
وَفِي «صَحِيحِ مسلم» عَنْهُ أَيْضًا: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الرُّقْيَةِ من العين والحمة والنملة.
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي رُقْيَةِ اللَّدِيغِ بِالْفَاتِحَةِ
أَخْرَجَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُمْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيَّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنِ اسْتَضَفْنَاكُمْ، فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بَرَاقٍ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْتَسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فنذكر له
(١) أخرجه أبو داود والترمذي بلفظ «ولا رقية إلا من عين أو حمة» وإسناده صحيح.
1 / 130