التفسير الموضوعي ٢ - جامعة المدينة
التفسير الموضوعي ٢ - جامعة المدينة
Maison d'édition
جامعة المدينة العالمية
Genres
حقوق وإكرام الضيوف في السنة المشرفة
ولعل مما يوضح هذه الحقيقة ما جاء في السنة المشرفة، وفيها بيان واضح وجلي لما يجب للضيف من كرامة ومن إكرام، فنتابع هذه الأحاديث وسوف نجد فيها الكثير بإذن الله تعالى.
يروي الإمام البخاري بسنده عن أبي هريرة ﵁: «أن رجلًا أتى النبي ﷺ فبعث إلى نسائه فقلنا: ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله ﷺ: من يضم أو يضيف هذا أي يجعله عنده ضيفًا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا -وسوف نعرف من هو هذا الرجل- فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله ﷺ، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانك، إذا أرادوا عشاء، فهيئت طعامها وأصبحت سراجها -أي: أطفأته- ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان فباتا طاويين، فلما أصبحا غدا -أي: هذا الرجل- إلى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما فأنزل الله: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ (الحشر: ٩)».
في هذا الحديث المبارك الشريف نلحظ مدى طاعة الزوجة المسلمة لزوجها، ومدى تعاونها معه في تنفيذ ما رغِب فيه رسول الله ﷺ وفي تنفيذ ما علما من هذا الدين من جزاء من يكرم الضيف؛ تعاونت مع زوجها واستطاعت أن تهيئ الطعام وأن تطفئ السراج وأن تنيم الصبية وأن تجلس هي وزوجها مع الضيف، ليظهران له أنهما يأكلان، حتى باتا طاويين، فلما أصبح الرجل وذهب إلى رسول الله ﷺ قال له الرسول الكريم ﵊ بوحي من الله بأن الله عجب من
1 / 67