الحجاب في الشرع والفطرة

Abdul Aziz al-Tarefe d. Unknown
73

الحجاب في الشرع والفطرة

الحجاب في الشرع والفطرة

Maison d'édition

دار المنهاج

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Genres

المرأةِ لوَجْهِها، وهو يُجالِسُ العارياتِ بلا نَكِيرٍ، أو يرى السُّفُورَ يَنْتشِرُ والحِشْمةَ تَنْحسِر، ويندفعُ بحماسٍ للتهوينِ مِن الفضيلةِ ويسكُتُ عن الرذيلةِ بحُجَّةِ الخلافِ؛ فهؤلاءِ يسلُكُون طرائقَ المنافقينَ السابقِينَ الذين يستغِلُّونَ مسائلَ الفروعِ وسيلةً لهدمِ الأصولِ وضربِها. فقد كان المُنافِقُونَ يَتكاسَلُونَ عنِ الصلاةِ جماعةً مع النبيِّ ﷺ، ولا يذكُرُون اللهَ إلا قليلًا: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ١٤٢]، ومع كَسَلِهم عن الفضائلِ، اندَفَعُوا لبناءِ مسجدٍ في المدينةِ، ورفَعُوا فيه الأذانَ بمواقيتِه، وأقامُوا الصلاةَ، وهذا العملُ فضيلةٌ في ذاتِهِ لو فعَلَهُ غيرُهم مِن أهلِ الحرصِ على الأصولِ وتعظيمِها، ولكنَّ النبيَّ ﷺ لم يَفصِلْ فضيلةَ بناءِ المسجدِ عن سياقاتِهِ وحالِ مَن بناهُ وسيرتِهم ومَواقِفِهم المُشابِهةِ، ولم ينظُرْ إليه نظرةً فرعيَّةً كمسجدَيْنِ متجاوِرَيْنِ في بلدٍ تحكُمُ قربَهما المصلحةُ؛ وإنما رآه مسجِدَ ضِرَارٍ، مع أنَّ في المدينةِ مساجدَ أُخرى أَذِنَ النبيُّ ﷺ ببنائِها وصلَّى هو فيها، ولكنَّ المنافقينَ اتَّخَذوا فعلَهم للفضيلةِ بابًا لغايةٍ أُخرى مِن الرذيلةِ، وهي شقُّ صفِّ النبيِّ ﷺ ومَن حولَه، فنَظَرَ النبيُّ ﷺ إلى

1 / 82