إن المعاهد في بلد الإسلام لا يعيش على هامش المجتمع بل يشارك ويخالط أفراد المجتمع، وقد يسند إليه بعض الأعمال التي هي من صميم عمل أهل الإسلام، فقد جوز الخرقي أن يكون الكافر من العاملين على الزكاة، وذكر في المغني أنها إحدى الروايتين عن الإمام أحمد؛ لأن الله تعالى قال: ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ (١) وهذا لفظ عام يدخل فيه أي عامل على أي صفة كانت ولأن ما يأخذ على العمالة أجرة لعمله فلم يمنع من أخذه كسائر الإجارات (٢) . بل صرح الإمام الماوردي بجواز أن يتولى الذمي وزارة التنفيذ دون وزارة التفويض (٣) . لقد أطلق الإسلام على غير المسلمين الذين لهم ذمة أهل الذمة وعاملهم بها وهي تعني: العهد والأمان والضمان، والحرمة والحق (٤) وهو عهد منسوب إلى الله ﷿ وإلى الرسول ﷺ قال ابن الأثير: "وسمي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم" (٥) .

(١) سورة التوبة، الآية:٦٠. (٢) انظر: المغني، ابن قدامة، ج ٤ ص ١٠٧. (٣) انظر: الأحكام السلطانية، الماوردي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط١، ١٤١٠هـ ص ٦٨ وانظر تفصيل أقوال العلماء في مسالة تولي الذمي وزارة التنفيذ في كتاب: أهل الذمة والولايات العامة في الفقه الإسلامي، نمر النمر، المكتبة الإسلامية، عمان، ط١، ١٤٠٩هـ ص ١٩٧-٢١٤ وانتهى المؤلف إلى القول بعدم جواز ذلك. . (٤) انظر: النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير، ج٢ ص ١٦٨. (٥) المرجع السابق ج ٢ ص ١٦٨.