La Sunna et sa position - Noor Qarout
السنة النبوية ومكانتها - نور قاروت
Maison d'édition
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Genres
ثانيًا: إنه لا مانع عقلًا من وقوع استقلال السنة بالتشريع مادام رسول الله معصومًا عن الخطأ، والله قد أمر رسوله بتبليغ أحكامه إلى الناس من أي طريق سواء كان بالكتاب أو بغيره.
ثالثًا: ثبت من قول علي ﵁: «ما عندنا إلاّ كتاب الله أو فهمًا أعطيه رجل مسلم وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها: المدينة حرم من عيْر (١) إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثًا، فعليه لعنة الله واللائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلا، وإذا فيها: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلا، وإذا فيها: من والى قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلا» (٢) .
فدل على أن في السنة أشياء لا تحصى كثرة، لم ينص عليها في القرآن. وستأتي أمثلة أخرى عليها.
ويظهر للباحث أن الخلاف لفظي، لأن القائلين إنه ليس في السنة ما لم يرد في الكتاب يثبتون هذه الأحكام ولكن يدخلونها تحت القواعد الكليّة التي وردت في القرآن كالأمر بطاعة الرسول ﷺ فالخلاف لا ثمرة له. حيث إن كلا منهما يعترف بوجود أحكام في السنة لم تثبت في القرآن ولكن أحدهما لا يسمي ذلك استقلالًا، والآخر يسميه، والنتيجة واحدة (٣) . وكذا يتم الجمع
(١) عيْر: جبل بالمدينة، انظر ابن الأثير: النهاية، باب العين مع الراء، ٣/٣٢٨. (٢) أخرجه البخاري، انظر: صحيح البخاري، كتاب الجزية، باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم: (١٣٣٩) ٤/٥٣٣. (٣) انظر: السباعي/ السنة ومكانتها في التشريع: ٣٨٥.
1 / 50