183
وَكَانَ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ إِذَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ هَمَزَهُ ولَمَزَهُ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ سُّورَةَ الهُمَزَة. أَمَّا أَخُوهُ أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ فَجَاءَ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِعَظْمٍ بَالٍ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ! أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ هَذَا بَعْدَ مَا أَرِمَ، ثُمَّ فتَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ نَفَخَهُ نَحْوَ رسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ أنَا أقُولُ ذَلِكَ، يَبْعَثُهُ اللَّهُ وإِيَّاكَ بَعْدَمَا تَكُونَانِ هَكَذَا، ثُمَّ يُدْخِلُكَ النَّارَ. (^١) فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ..) الآيات. وَكَانَ الوَليدُ بنُ المُغِيرَةِ يَقُولُ: أيُنْزَلُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وأُتْرَكُ وأنَا كَبِيرُ قُرْيْشٍ وسَيِّدُهَا؟ ويُتْرَكُ أَبُو مَسْعُودٍ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ سَيِّدُ ثَقِيفٍ، فنَحْنُ عَظِيمَا القَرْيَتَيْنِ، فنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ). وقَالَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ: دَعُوهُ، فإنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أبْتَرُ لا عَقِبَ لَهُ، لَوْ قَدْ مَاتَ لانْقَطَعَ ذِكْرُهُ واسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى في ذَلِكَ: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾. وقَالَ أَبُو جَهْلٍ -لَعَنَهُ اللَّهُ- يَوْمًا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، يَزْعُمُ أَنَّهَا شَجَرَةٌ في النَّارِ يُقَالُ لَهَا شَجَرَةُ الزَّقُومِ، والنَّارُ تَأْكُلُ الشَّجَرَ، إِنَّمَا الزَّقُومُ التَّمْرُ والزُّبْدُ، هَاتُوا تَمْرًا وزُبْدًا وتَزَقَّمُوا، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ. طَعَامُ الْأَثِيمِ. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾. وقَالَ أَبُو جَهْلٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: قَدْ نَعْلَمُ يا مُحَمَّدُ إنَّكَ تَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، ولا نُكَذِّبُكَ، ولَكِنْ نُكذِّبُ الذِي جِئْتَ بِهِ، فأنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾. وجَاءَ رُكَانَةُ بنُ عَبْدِ يَزِيدَ يُصارع الرَّسُولَ ﷺ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ مَرَّةٍ عَلَى مِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ، فَلَمَّا كَانَ في الثَّالِثَةِ، قَالَ: يا مُحَمَّدُ ما وَضَعَ ظَهْرِي عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ أبْغَضَ إِلَيَّ مِنْكَ، وأَنَا أشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وأنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقامَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ورَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ.

(^١) وقد قتَلهُ الرسول ﷺ يومَ أُحُدٍ، وهو الوَحِيدُ الذي قتلهُ الرَّسول ﷺ، فلمَّا قتلَهُ: قال ﷺ: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ على رَجُلٍ قتَلَهُ رسول اللَّه".

1 / 203