The Story of Civilization
قصة الحضارة
Maison d'édition
دار الجيل
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
الباب بالقار" (١٧). وأنجاه أحد العمال، وأصبح فيما بعد ساقي الملك، فقربه إليه، وزاد نفوذه وسلطانه. ثم خرج على سيده وخلعه وجلس على عرش أجاد، وسمى نفسه "الملك صاحب السلطان العالي" وإن لم يكن يحكم إلا قسما صغيرًا من أرض الجزيرة. ويسميه المؤرخون سرجون "الأعظم" لأنه غزا مدنًا كثيرة، وغنم مغانم عظيمة، وأهلك عددًا كبيرًا من الخلائق. وكان من بين ضحاياه لوجال- زجيزي نفسه الذي نهب لكش وانتهك حرمة إلهتها، فقد هزمه سرجون وساقه مقيدًا بالأغلال إلى نبور. وأخذ هذا الجندي الباسل يخضع البلاد شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، فاستولى على عيلام وغسل أسلحته في مياه الخليج الفارسي العظيم رمزًا لانتصاراته الباهرة، ثم اجتاز غرب آسية ووصل إلى البحر الأبيض المتوسط (١٨)، وظل يحكمها خمسًا وخمسين سنةً، وتجمعت حوله الأساطير فهيأت عقول الأجيال التالية لأن تجعل منه إلهًا. وانتهى حكمه ونار الثورة مشتعلة في جميع أنحاء دولته.
وخلفه ثلاثة من أبنائه كل منهم بعد أخيه. وكان ثالثهم نارام - سِنْ بنَّاء عظيما وإن لم يبق من أعماله كلها إلا لوحة تذكارية تسجل انتصاره على ملك خامل غير ذي شأن. وقد عثر ده مورجان على هذه اللوحة ذات النقش البارز في مدينة السوس عام ١٨٩٧، وهي الآن من كنوز متحف اللوفر، وتمثل نارام- سِنْ رجلًا مفتول العضلات، مسلحًا بالقوس والسهام، يطأ بقدميه في خيلاء الملوك أجسام من ظفر بهم من أعدائه. ويدل مظهره على أنه يتأهب لأن يرد بالموت العاجل على توسل أعدائه المنهزمين واسترحامهم. وصور بين هؤلاء الأعداء أحد الضحايا وقد أصابه سهم اخترق عنقه فسقط على الأرض يحتضر، وتطل على هذا المنظر من خلفه جبال زجروس. وقد سجل انتصار نارام- سِنْ على أحد التلال بكتابة مسمارية جميلة. وتدل هذه اللوحة على أن فن النحت قد توطدت وقتئذ قواعده وأصبحت له تقاليد مرعية طويلة الأمد.
2 / 19