The Story of Civilization
قصة الحضارة
Maison d'édition
دار الجيل
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
أصلية، وحصر "سكيت" Skeat كل الألفاظ الأوربية تقريبًا في نحو أربعمائة كلمة أصلية (^١).
ولا تحسبنَّ لغات الشعوب الفطرية بدائية بالضرورة، إذا أردنا بكلمة "بدائية" في هذا السياق أي معنى من معاني البساطة في التركيب، نعم إن كثيرًا منها بسيط في ألفاظه وبنائه، لكن بعضها معقد البناء كثير الكلمات مثل لغاتنا، بل هو أرقى في التكوين من اللغة الصينية (٧) ومع ذلك فتكاد اللغات البدائية كلها أن تحصر نفسها في حدود الحسي والجزئي؛ وهي بصفة عامة فقيرة في الأسماء الكلية والمجردة؛ فسكان استراليا الأصليون يطلقون اسمًا على ذيل الكلب واسمًا آخر على ذيل البقرة، ولكن ليس في لغتهم كلمة تدل على "ذيل" بصفة عامة (٨) وأهل تسمانيا يطلقون على كل نوع من الشجر اسمًا، لكن ليس لديهم كلمة واحدة تدل على "الشجرة" بصفة عامة، وكذلك هنود "تُشكتُو" Choetaw يطلقون اسمًا على السنديانة السوداء، وآخر على السنديانة البيضاء، وثالثًا على السنديانة الحمراء؛ لكنهم لا يعرفون كلمة واحدة تدل على السنديانة بصفة عامة، ثم بالطبع ليس لديهم كلمة تدل على الشجرة عامة؛ ولا شك أن أجيالًا من الناس تعاقبت قبل أن يستطيع الإنسان أن ينتهي من اسم العَلم إلى الاسم الكلي؛ وفي قبائل كثيرة لا تجد ألفاظًا تدل على الألوان مجردة عن الأشياء الملونة، كلا ولا تجد عندها كلمات لتدل على مجردات مثل: نغمة، جنس، نوع، مكان، روح، غريرة، عقل، كمية، أمل، خوف، مادة، شعور … الخ (٩)، فمثل هذه الألفاظ المجردة تتكون وتتزايد - فيما يظهر - مع تقدم الفكر، لأن بينها وبين الفكر علاقة السبب والمسبب؛ وهي بعد تكوينها تصبح أدوات تعين على دقة التفكير، ورموزًا تدل على الحضارة.
ولما كانت الألفاظ تعود على الناس بكل هذه المزايا، فقد حسبوها نعمة
(^١) هنا يبين المؤلف ببعض الأمثلة كيف تتحد بعض الألفاظ الأوربية في أصولها.
1 / 125