السواك وسنن الفطرة - المقدم
السواك وسنن الفطرة - المقدم
Genres
استحباب اتخاذ الشعر وإكرامه وفرقه
الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: من الآداب المستحبة: تطويل الشعر شيئًا يسيرًا كما كان النبي ﷺ يفعل.
ومن الأشياء المستحبة أيضًا لمن اتخذ شعرًا: أن يفرق شعر رأسه نصفين من جانبي اليمين واليسار.
وهذا التفريق -أو الفرق- هو ضد السدل، والسدل هو: الإرسال من سائر الجوانب، ويشمل فيما يشمل الإرسال على الجبين واتخاذه كالقصة، هذا من حيث اللغة.
والفرق مستحب، والدليل هو حديث ابن عباس ﵄ قال: (كان النبي ﵌ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رءوسهم، فسدل النبي ﷺ ناصيته، ثم فرق بعد).
متفق عليه.
أي: أنه سَدَل أولًا، ثم كان آخر أمره أنه فرق شعره ﷺ.
وعن أم المؤمنين عائشة ﵂ قالت: (كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق النبي ﷺ وهو محرم) رواه البخاري، والوبيص: اللمعان وهذا الطيب باق من أثر التطيب عند الغسل قبل الإحرام، لكن بعد أن يحرم ويلبي فلا شك أنه لا يجوز له أن يمس الطيب.
وكان النبي صلى الله عليه وآله سلم -كما جاء في حديث ابن عباس - قد أحب موافقة أهل الكتاب؛ لأن المشركين عَبَدة الأوثان وهم أبعد عن الحق من أهل الكتاب، فأهل الكتاب يؤمنون بالنبوة وبالألوهية وبالرسالات، فهناك فرق في الأحكام بين أهل الكتاب -وهم اليهود والنصارى- وبين المشركين الوثنيين، فأهل الكتاب مع كفرهم دينهم سماوي، وهم أقرب إلى أن يسلموا من المشركين الوثنيين الملاحدة، ولذلك يجوز نكاح نسائهم بشرط الإحصان، ويجوز أكل ذبائحهم أيضًا بشروط.
وكان ﷺ يحب موافقتهم أيضًا ليتألفهم، فلما أسلم أهل الأوثان واستمر أهل الكتاب على كفرهم محصت المخالفة لأهل الكتاب، فكان فرق الرأس هو آخر ما كان عليه النبي ﵌.
هناك أيضًا عدة أمور وافق فيها النبي ﵌ أهل الكتاب في بداية الأمر، ثم أمر بمخالفتهم كما في صيام يوم عاشوراء، وكما في استقبال بيت المقدس في الصلاة قبل التوجّه إلى الكعبة، وغير ذلك.
وحديث ابن عباس ﵄ يدل على جواز الأمرين: السدل أو الفرق، لكن الأفضل هو الفرق؛ لأنه آخر الأمرين من النبي ﵌، وقد جاء في حديث ابن عباس (فرق الشعر من الفطرة)، وكان من شروط أمير المؤمنين عمر ﵁ على أهل الذمة: ألا يفرقوا شعورهم؛ لئلا يتشبهوا بالمسلمين.
قال العلماء: ولأن الفرق أنظف، وأبعد عن مشابهة النساء.
4 / 2