ملئت ظلما وجورًا موجودة في كثير من الأديان، وهناك أحاديث روتها كتب الصحاح عن النبي الكريم عن ظهور " مهدي " من ولده في آخر الزمان ولكن ليس على نحو التعيين، أما الشيعة فتستند على روايات نسبت إلى أئمتها أن " المهدي " المنتظر الذي أخبر به الرسول الكريم - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - غنما [هكذا في الأصل ولعله حتمًا] هو ابن الإمام " الحسن العسكري (١) " ونحن هنا لا نريد أن ندخل في ذلك الجدل البيزنطي القديم حول " المهدي " وإعطاء تفسير عقلي لبقائه آلاف السنين في هذه الدنيا فنحن معاشر الشيعة كسائر الفرق الإسلامية الأخرى ما دمنا نعتقد بالغيب وان الله قادر على كل شيءٍ فلا نجد صعوبةً في الاعتقاد بأن إنسانًا ما يعيش في هذه الدنيا خارجًا عن القوانين الطبيعية آلاف السنين، فالقرآن الكريم صريح بأن " نوحًا " عاش في قومه ألفًا إلا خمسين عامًا وأصحاب الكهف؟ لبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعًا؟ وأن الله رفع " عيسى بن مريم " إليه وهو حي في رحابه ولنقرأ معًا هذه الآيات البينات:؟ ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا فأخذهم الطوفان وهم ظالمون (٢)؟؟ ولبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعًا (٣)؟؟ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم من علم إلا
اتباع الظن وما قتلوه يقينًا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزًا حكيمًا (٤)؟ وفكرة " المهدي " بحد ذاتها فكرة جميلة فهي توحي بالخير المحض والتطلع إلى عالم مليء بالخيرات والفضائل والحسنات، عالم مثالي طالما دعا إليه "
_________
(١) - ذكر الترمذي في صحاحه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله في رجلًا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي) وفي مسند " أحمد بن حنبل " عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي) سيرة الأئمة الإثني عشر ج٢ ص٥٤٣ - هاشم الحسيني.
(٢) - العنكبوت ١٤
(٣) - الكهف ٢٥
(٤) - النساء ١٥٧ - ١٥٨
1 / 62