196

The Safe Interpretation According to the Methodology of Revelation and Authentic Sunna

التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون

Maison d'édition

(المؤلف)

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Genres

إبليس في خطابهم، لأنه -وإن لم يكن من عنصرهم- إلا أنه كان قد تشبه بهم وتوسم بأفعالهم، فلهذا دخل في الخطاب لهم، وذُمَّ في مخالفة الأمر).
وأما مفهوم هذا السجود ففيه أقوال:
الأول: كانت الطاعة لله، والسجدة لآدم، أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته.
الثاني: كان هذا سجودَ تحية وسلام وإكرام، كما قال تعالى: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَال يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾ [يوسف: ١٠٠].
الثالث: وقال بعضهم: بل كانت السجدة لله وآدم قبلة فيها، كما قال تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨].
قلت: أما الثالث فبعيد ولا دليل عليه، وأما الثاني فهو كان مشروعًا في الأمم الماضية ثم نسخ في ملتنا، ويبقى التأويل الأول هو الأنسب للسياق. واختاره الحافظ ابن كثير وقال: (والسجدة لآدم إكرامًا وتعظيمًا واحترامًا وسلامًا، وهي طاعة لله ﷿، لأنها امتثال لأمره تعالى).
وقوله: ﴿فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾:
قال قتادة: (حَسَدَ عدوُّ الله إبليسُ آدمَ ﵇ على ما أعطاه الله من الكرامة، وقال: أنا ناري وهذا طيني).
وإبليس "إفعيل" من الإبلاس، وهو الإياس من الخير والندمُ والحزن. والعرب تقول: أبْلسَ فلان من رحمة الله أي يئِس والعياذ بالله.
قال الرازي: (ومنه سمي "إبليس" وكان اسمه عَزَازيل (١). و"الإبلاس" أيضًا الانكسار والحُزْن يقال: أبْلس فلان إذا سكت غمًا).
قال ابن عباس: (إبليس، أبلسه الله من الخير كله، وجعله شيطانًا رجيمًا عقوبة لمعصيته).
وقال السدي: (كان اسم إبليس "الحارث"، وإنما سمي إبليس حين أبلس متحيِّرًا).
وفي التنزيل: ﴿فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ يعني: آيسون من الخير، نادمون حزنًا.

(١) قلت: لا دليل على ذلك يحتج به.

1 / 198