47

The Relief of the Distressed in Traps of the Devil

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ط عطاءات العلم

Chercheur

محمد عزير شمس

Maison d'édition

دار عطاءات العلم (الرياض)

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lieu d'édition

دار ابن حزم (بيروت)

Genres

طاعتَه ومحبته، وتعظيمَه وتوقيره والقيامَ بحقوقه، وسدَّ إلى جنته جميعَ الطرق؛ فلم يفتحْ لأحدٍ إلا من طريقه، فشرح له صدره، ووضع عنه وِزرَه، ورفع له ذِكْره، وجعل الذِّلَّة والصَّغار على من خالف أمره (^١)، وأقسم بحياته في كتابه المبين (^٢) وقرنَ اسمَه باسمه؛ فلا يُذكر إلا ذُكر معه، كما في التشهد والخُطَب والتأذين. فلم يزل ﷺ قائمًا بأمر الله تعالى، لا يردُّه عنه رادٌّ، مشمِّرًا في مرضاة الله تعالى، لا يصدُّه عن ذلك صادٌّ، إلى أن أشرقتِ الدنيا برسالته ضياءً وابتهاجًا، ودخل الناس في دين الله أفواجًا أفواجًا، وسارت دعوتُه مسيرَ الشمس في الأقطار، وبلغ دينه القيّم ما بلَغ الليل والنهار، ثم استأثر الله تعالى به ليُنجِز له ما وعده به في كتابه المبين، بعد أن بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد، وأقام الدين، وترك أمته على البيضاء الواضحة البينة للسالكين، وقال: ﴿هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: ١٠٨]. أما بعد، فإن الله سبحانه وتبارك وتعالى لم يخلق خلقه سُدًى مُهمَلًا (^٣)، بل جعلهم مَوْرِدًا للتكليف، ومحلًّا للأمر والنهي، [٢ أ] وألزمَهم فَهْمَ ما أرشدهم إليه مجملًا ومفصَّلًا، وقسَّمهم إلى شقي وسعيد، وجعل لكل واحد من الفريقين منزلًا، وأعطاهم موادَّ العلم والعمل: من القلب، والسمع،

(^١) كما في الحديث الذي أخرجه أحمد (٢/ ٥٠، ٩٢)، وأبو داود (٤٠٣١) عن ابن عمر. (^٢) في قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢]. (^٣) في بعض النسخ: "هملًا".

1 / 5