277

The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

Genres

إِنَّ ما ذَكَرَهُ القرآنُ عن محمدٍ ﷺ أَكثرُ مما ذَكَرَه عن عيسى ﵇، وكذلك ما ذَكَرَهُ عن إِبراهيمَ وموسى ﵉ أَكثرُ مما ذَكَرَهُ عنه.
أولًا: مثل عيسى كمثل آدم:
أَخْبَرَ اللهُ أَنَّ مَثَلَ عيسى كَمَثَلِ آدم ﵇.
قال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) .
خَلَقَ اللهُ آدمَ ﵇ من تراب، ثم نَفَخَ فيه من روحِه، وقالَ له: كُنْ إِنسانًا حَيًّا، فكانَ إِنْسانًا حَيًّا..
وهكذا عيسى ﵇، أَرادَ اللهُ أَنْ يَخْلُقَه بدونِ أَبٍ، فأَمَرَ
جبريلَ ﵇ أَنْ يَنفخَ روحَه في مريم ﵍ فَفَعَل، وقالَ الله لعيسى: كُنْ إِنسانًا حَيًّا في رَحِمِ مريم، فكانَ كما أَرادَ الله.
فلا غَرابةَ في خَلْقِ عيسى ﵇ بدونِ أَبٍ، كما أَنه لا غَرابةَ في خَلْقِ آدمَ بدونِ أَبٍ أَو أُمّ.
ولكنَّ هذا الكلامَ لم يُعْجب الفادي المفترِي، ولذلك اعترضَ على الآيةِ
بقولِه: " ونحنُ نَقولُ: إِنَّ آدَمَ مِثْلُ المسيحِ في أَنه أَبو الجِنْسِ البشريِّ ووكِيلُه
ونائبُه، ولكنَّ آدمَ بمعصيتِه جَرَّ ذريتَه جَميعًا للهَلاك.
أَمّا المسيحُ فهو أَبٌ ووكيلٌ ونائبٌ جَديدٌ للمؤمنين به، الذين مَنَحَتْهُم كفارتُه وعملُه النيابيُّ وطاعتُه خلاصَهم، ولهذا قالَ الإِنجيل: آدمُ الذي هو مِثالُ الآتي ".
أَمّا أَنَّ آدمَ ﵇ أَبو البشر فهذا متفقٌ عليه، لأَنه أَوَّلُ مخلوقٍ من البشر.
وأَمّا أَنّ عيسى المسيحَ ﵇ أَبو البشرِ فهو أَمْرٌ مَرْفوض، لأَنه وُلدَ بعدَ آدمَ بفترةٍ طويلة، تَزيدُ عن مئاتِ الآلافِ من السنين.
ولقد كانَ الفادي وأَهْلُ ملَّتِه مُغالين مُبالغين عندما اعْتَبَروا عيسى ﵇ أَبًا للبشر، ووكيلَهم ونائبًا عنهم، لدرجةِ أَنْ
فَداهم بنفسِه، وجَعَلَ دَمَه كفارةً لذُنوبهم، وتَخْليصًا لهم!! وقد سبقَ أَنْ ناقَشْنا الفادي في موضوعِ الكفارةِ والفداءِ والخلاص.
ويُخَطِّئُ الفادي الآيةَ، لأَنها شَبَّهَتْ عيسى ﵇ بآدمَ: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) .
فهو يَرى أَنَّ خَلْقَ

1 / 286