264

The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

Genres

ويَقفُ عليه وهو يَبْني الكعبة، حيثُ كانَ ابنُه إِسماعيلُ ﵇ يُناولُه الحجارة، وكان هو يَقفُ على الحَجَر، وكان ذلك الحجرُ مُلْتصقًا بالكعبة، ثم أَبْعَدَه عمرُ عن الكعبة لئلا يَشُقَّ الطوافُ على الطائفين. وقد اقترحَ عمرُ ﵁ على رسول اللهِ ﷺ أَنْ يُصلِّيَ الطائفون ركعَتي الطوافِ عندَ مَقامِ إِبراهيم، وهما ركْعَتا السنَّةِ اللَّتان يُصَلّيهما الطائفُ بعد الانتهاءِ من الطواف، فأَقَرَّه الرسولُ ﷺ على اقتراحِه. وأَنزلَ اللهُ قولَه تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) . وهو يَدُلُّ على صحةِ اقتراحِ عمرَ ﵁ وفطنتِه وبُعْدِ نَظَرِه. وقالَ عن القولِ الثاني لعُمَر: " ومَرَّةً قالَ عمر: يا رسولَ الله! إِنَّ نِساءَك يَدخلُ عليهن البَرُّ والفاجر، فلو أَمرتَهن أَنْ يحتجبْنَ. فجاءَ قرآنٌ يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) . والروايةُ صحيحة، دالّةٌ على بُعْدِ نَظَرِ عمرَ ﵁، فَرَغْمَ أَنَّ أَزواجَ الرسولِ ﷺ مُحَرَّماتٌ على المسلمين، إِلَّا أَنَّ بعضَ المسلمين قد تَخطرُ لهم خواطرُ السوءِ نحوهن، ولذلك اقترحَ عمرُ على رسولِ الله ﷺ أَنْ يأْمرهن بالحجاب، لأَنه يدخلُ عليهنَّ البَرُّ والفاجر، وهذا من فَرْطِ غيرتِه عليهن. وأَنزلَ اللهُ الآيةَ يأمُرُه بذلك، مما يدلُّ على صحةِ اقتراحِ عمر ﵁. وقالَ الفادي عن القولِ الثالث: " ومَرَّةً اجتمعَ نساءُ محمدٍ في الغيرة. فقالَ عمرُ لهنّ: عسى ربُّه إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَه أَزواجًا خيرًا منكن. فجاءَ قرآنٌ يقول: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) . والروايةُ صحيحة، فقد اجْتمعَتْ أَزواجُ النبيِّ ﷺ، واتَّفقْنَ على أَنْ يُطالبنَه بالتوسعةِ عليهن، وزيادةِ نفقتِهنَّ، فتألَّمَ النبيُّ ﷺ من مَطالبهن، فوعَظَهُنَّ عمرُ ﵁ وذَكَّرَهُنَّ وهَدَّدَهُنَّ، وقالَ لهنّ: إِنْ طَلَّقَكنَّ فعسى ربُّه أَنْ يُبدلَه أَزواجًا خيرًا منكُنّ. فأَنزلَ اللهُ تعالى قوله: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) .

1 / 273