المعين، وإن أمكن أن يتجاوزه إلى شيء آخر، فإذا قلت: (ما شوقي إلا شاعر) كنت خصصت شوقيًا بالشعر وقصرته عليه، بحيث لا يتجاوزه إلى شيء آخر معين كالكتابة - مثلًا -، وإن كان ذلك لا ينافي أن يتجاوز الشعر إلى صفات أخرى كالتجارة أو الصناعة أو غيرهما، فالقصر هنا إنما هو بالإضافة إلى الكتابة فحسب، ولهذا سمي قصرًا إضافيًا.
٢ - تقسيم القصر باعتبار طرفيه:
ينقسم القصر باعتبار طرفيه (المقصور والمقصور عليه) إلى: قصر موصوف على صفة، وقصر صفة على موصوف.
فأما الأول، وهو: قصر الموصوف على الصفة، فمعناه: ألا يتجاوز الموصوف تلك الصفة إلى صفة أخرى، أصلًا - إذا كان القصر حقيقيًا- أو إلى صفة أخرى معينة إذا كان القصر إضافيًا.
فمثال قصر الموصوف على الصفة قصرًا حقيقيًا قولك: (ما شوقي إلا شاعر) وذلك إذا أردت قصر شوقي على صفة الشعر، بحيث لا يتعداها إلى غيرها من سائر الصفات، غير أن هذا النوع من القصر - وهو قصر الموصوف على الصفة قصرًا حقيقيًا- لا يكاد يوجد في الكلام، وذلك لأنه يتعذر الإحاطة بصفات الشيء حتى يمكن إثبات شيء منها، ونفي ما عداه، فالإنسان لا يستطيع الإحاطة بصفات نفسه وبخاصة الباطنة منها، فكيف يستطيع الإحاطة بصفات غيره؟ فالمعول عليه في مثل هذا النوع من القصر على قصد المبالغة والادعاء في مقام المدح والفخر ونحوهما.
ومنه قول الشاعر:
هل الجود إلا أن تجود بأنفس ... على كل ماضي الشفرتين صقيل
ومثال قصر الموصوف على الصفة قصرًا إضافيًا: ما ابن العميد إلا كاتب، تريد قصره على صفة الكتابة، بحيث لا يتعداها إلى شيء بعينه كالشعر - مثلًا - وإن جاز أن تكون تلك الصفة - الكتابة- لموصوف آخر.
وأما الثاني وهو قصر الصفة على الموصوف، فمعناه: ألا نتجاوز الصفة ذلك الموصوف إلى موصوف آخر - إذا كان القصر حقيقيًا- أو إلى موصوف آخر معين إذا كان القصر إضافيًا.