131

La biographie prophétique entre traditions narrées et versets coraniques

السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية

Genres

الله تعالى فيه.
وهذا يبين الأسوة الحسنة للمؤمنين المتقين من وجهين:
الأول: إذا كان النبي في هذا المقام العالي، وأمر بذلك فمن باب الأولى أن يكون المؤمنون سالكين سبيل الاجتهاد كذلك.
الثاني: وهو خوفه ﷺ من المعصية الواحدة لهول العذاب - كما تدل عليه الآيات - فكيف الحال بباقي الخلق المؤمنين فمن دونهم من المشركين.
ولذلك رأينا تكرير قوله ﴿وَأُمِرْتُ﴾ تنويهًا بشأن المأمور به الثاني، وإظهارًا لأهميته، حيث عطف على ﴿أُمِرْتُ﴾ الأول، وليس ذلك تكريرًا محضًا لسببين:
الأول: أن أمرت الأول لبيان المأمور، وذكر الأمر الثاني لبيان المأمور لأجله بضميمة قيد التعليل.
الثاني: أن قوله في الأول: ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ﴾ أن العبادة لها ركنان عمل القلب، وعمل الجوارح، وعمل القلب أشرف فقدم على عمل الجوارح، وهو قوله ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١)﴾، وأما قوله ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢)﴾ فمن معاني الإسلام الأعمال الظاهرة كالصلاة وبقية الأركان كما في حديث جبريل ﵇ فكان أمرت الأول بعمل القلب، والثاني بعمل الجوارح قلا تكرار إذن.
وكل ذلك يدلنا على اكتمال ما به يكون النبي ﷺ في نهاية العصمة، حيث أشارت الآيات إلى أمرين عظيمين:
الأول: يشاركه فيه غيره، وهو أن يعبد الله مخلصًا له الدين.

1 / 136