191

La Biographie Prophétique et l'Appel à l'Ère Mecquoise

السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الأولى ١٤٢٤هـ

Année de publication

٢٠٠٣م

Genres

إنها ذكريات باقية بصورتها وحقيقتها.. وكان ﷺ يذكر حاضنته أم أيمن ويقول: "أم أيمن أمي بعد أمي" ١. وقد زار النبي ﷺ بعد البعثة أيضا قبر أمه فبكى وأبكى، فلما سئل: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: "تذكرت رحمتها فبكيت" ٢. وبموت آمنة فقد الرسول أبويه، ووجد نفسه وحيدا فريدا، حرم من الآباء والإخوة، ولو كان غير محمد لأصابه الكثير، إلا أن الرعاية الإلهية كانت معه ﷺ؛ حيث قام عبد المطلب بكفالته بعد رجوعه إلى مكة مباشرة، وشمله بعنايته واهتمامه، وكان يرعاه أكثر من أبنائه. كما أحاطته أم أيمن ﵂ بالرعاية والخدمة، وكانت تخاف عليه من أي أذى يلحق به، وبخاصة أنها رأت من يهود المدينة ما جعلها تخاف عليه منهم، تقول ﵂: "وكان قوم من اليهود يختلفون إليه، وينظرونه ويتفرسون فيه، تقول أم أيمن: فسمعت أحدهم يقول: هو نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته، فوعيت ذلك كله من كلامهم"٣. وبقيت هذه الحادثة في ذاكرتها؛ ولذلك نراها بعد عودتها إلى مكة، تذهب به إلى جده عبد المطلب ليكفله، فكفله مرحبا به، وقربه منه، ولما قارب أجله، وصى ابنه "أبا طالب" ليكفله من بعده، وهكذا عاش ﷺ مع جده، ومن بعده مع عمه، مكرما مصانا. عناية عبد المطلب بحفيده: عاد محمد ﷺ وحيدا إلى جده، فضمه إليه، وقربه من نفسه، ورق عليه رقة لم ينلها أحد من ولده، وكان يتفقده إذا خلا، وإذا نام. قال قوم من بني مدلج لعبد المطلب: احتفظ بابنك هذا فإن له شأنا، وإنا لم

١ الطبقات الكبرى ج١ ص١١٦. ٢ المرجع السابق ج١ ص١١٧. ٣ المرجع السابق ج١ ص١١٨.

1 / 203