184

La Biographie Prophétique et l'Appel à l'Ère Mecquoise

السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الأولى ١٤٢٤هـ

Année de publication

٢٠٠٣م

Genres

فملئ بطنه وجوفه إيمانا وحكمة١. وتكررت مرة رابعة، لما جاوز النبي ﷺ الخمسين من عمره، فعن مالك بن صعصعة أن رسول الله ﷺ حدثهم عن ليلة أُسري به، قال: "بينما أنا في الحطيم -أو قال: في الحجر- قال: فاستُخرج قلبي، ثم أُتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا، فغُسل قلبي، ثم أحشائي، ثم أعيد ... " ٢. وقصة شق الصدر هذه تشير إلى تعهد الله ﷿ نبيه ﷺ منذ صغره، وعلى امتداد عمره ﷺ، وإبعاده عن مزالق الطبع، ووساوس الشيطان، وتلك حصانة حسية للرسول الكريم أضفاها الله عليه؛ ليعيش طاهر الظاهر والباطن بتوفيق الله تعالى. إن الله ﷾ -وقد شاءت إرادته منذ الأزل- أن يكون محمد خاتم المرسلين، أراد سبحانه أن يجعل منه المثل الأعلى للإنسان السوي، الذي يسير نحو الكمال بطهارة القلب وتصفية النفس. ولما شب رسول الله ﷺ كانت مكة تعج بمختلف أنواع اللهو والفساد والملاذ الشهوانية الدنسة. كانت حانات الخمر منتشرة، وبيوت الريبة وعليها علامات تعرف بها، ووجود المغنيات، والماجنات، والراقصات، من الأمور العادية الموجودة في ذلك المجتمع تتوجها عبادة الأصنام والأوثان. وكان المجتمع المكي يومذاك يقر ذلك، ويعتبره جزءا من حياة الناس.. والله ﷾ برأ رسوله، واختاره من أكرم معادن الإنسانية، ثم اختاره لحمل أكمل رسالات السماء إلى أمم الأرض؛ ولذلك أحاطه بكل أنواع الرعاية والحفظ.

١ حجة الله على العالمين ص٢٧٢. ٢ أخرجه مسلم، وأحمد ج٣ ص١٢١، والحاكم ج٢ ص٦١٦.

1 / 196