Le Génération Promis pour la Victoire et l'Autonomisation
الجيل الموعود بالنصر والتمكين
Maison d'édition
دار الأندلس الجديدة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Lieu d'édition
مصر
Genres
صُعق مما رآه من منظر رهيب، ثم أفاق " وقد ازدادت " معرفته بعظمة ربه وجلاله فانعكست تلك المعرفة على كلامه ومعاملته لربه، فلما آفاق قال: ﴿سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
لقد تاب موسى ﵇ إلى الله ﷿ من تقصيره في حقه سبحانه، وحق تعظيمه وإجلاله وتقديسه، ومن طلب لرؤيته ... هذه التوبة كانت نتيجة المعرفة التي ازدادات لديه بعد ما رأى آثار عظمة الله ﷿ جلاله.
إذن فمعاملة الله بالإخلاص، والحب، والخوف، والمهابة، والتعظيم، والتقوى، والاستسلام .. كل ذلك نتاج قوة المعرفة به سبحانه.
معنى ذلك أن أول محور ينبغي أن تنطلق منه صفات الجيل الموعود بالنصر والتمكين هو معرفة الله ﷿.
- المعرفة المطلوبة:
نعم، المعاملة على قدر المعرفة، ولكن المعرفة المطلوب وجودها لكي تُحدث تغييرًا في المعاملة مع الله ﷿ لابد وأن تكون معرفة قوية وراسخة وعميقة ومستمرة ..
المطلوب معرفة بالله ﷿، تتمكن من يقين الإنسان وعقله الباطن، وتؤثر في مشاعره، وتشكل جزءًا أصيلًا من إيمانه.
- المعرفة والإيمان:
كما نعلم أن المصدر الموجه لأفعال الإنسان هو القلب، وأن القلب هو مجمع المشاعر من حب وكره، ورغبة ورهبة، وفرح وسرور، و...
هذه المشاعر يتجاذبها طرفان: إيمان وهوى .. إيمان بما في العقل من حقائق، وهوى بما تميل إليه النفس وتريده ..
وعلى قدر قوة أحدهما وقت اتخاذ القرار يكون الفعل من نصيبه، قال ﷺ: (لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يقتل وهو مؤمن) (١).
فلحظات الزنى والسرقة وشرب الخمر عكست انتصار الهوى على الإيمان.
معنى ذلك أنه لابد من زيادة الإيمان بالله في القلب ليثمر ذلك أعمالًا صالحة بالجوارح.
وزيادة الإيمان بالله ﷿ تعني زيادة اتجاه المشاعر إليه سبحانه، أي زيادة اتجاه الحب والخشية والمهابة و... .
وكلما تغيرت المشاعر واتجهت إلى الله تحسنت معاملة العبد القلبية لربه، ومن ثم انعكس ذلك بسهولة على جوارحه، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج:٣٢).
وقال ﷺ: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك) (٢).
فعلى قدر الخشية يكون ترك المعاصي .. هذه الخشية ما هي إلا معاملة قلبية من العبد لربه تزيد وتنقص بحسب قوة المعرفة بالله ﷿.
- الفكر والعاطفة:
لكي تؤثر المعرفة بالله ﷿ في المشاعر وتصبح جزءًا من إيمان الفرد، لابد وأن تكون عميقة ومؤثرة .. تخاطب الفكر والعاطفة، وأن تكون كذلك متواصلة لتستمر المشاعر في التوجه إلى الله ﷿.
إذن فالإيمان بالله يعني: معرفة بالله تؤثر في المشاعر مما يجعل القلب يتجه بهذا الجزء من المشاعر إلى الله ﷿.
أما زيادة الإيمان فتعني زيادة اتجاه المشاعر إليه سبحانه، واستكمال الإيمان يعني اتجاه المشاعر بالكلية إلى الله ﷿، قال ﷺ: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان).
من هنا تظهر قيمة حضور العقل والقلب معًا في الأعمال الصالحة التي يقوم بها العبد لكي يزداد إيمانه، وأنه على قدر تحرك المشاعر القلبية مع الطاعة تكون زيادة الإيمان الناتج عنها.
_________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه والإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس.
(٢) حسن، رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمرو وأورده الألباني في صحيح الجامع برقم (١٢٦٨).
1 / 36