Les Orientalistes et la biographie du Prophète
المستشرقون والسيرة النبوية
Maison d'édition
دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع - دمشق
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٦ هـ
Lieu d'édition
بيروت
Genres
فالمستشرق بين أن يكون علمانيا، ماديا، لا يؤمن بالغيب، وبين أن يكون يهوديا أو نصرانيا لا يؤمن بصدق الرسالة التي أعقبت النصرانية..
وإذ كانت السيرة، في تفاصيلها وجزئياتها، تنفيذا تاريخيا لعقيدة الإسلام ذات المرتكزات الغيبية، بل ذات التداخل بين المغيّب والمنظور في السدى واللحمة، وإذ كانت بمثابة دعوة سماوية أخيرة، جاءت لكي توقف النصرانية المحرّفة عن العمل وتحلّ محلّها، بما تتضمّنه من عناصر الديمومة والحركية والاكتمال.. فإنّ ثمّة جدارا فاصلا يقف بين المستشرقين- سواء أكان من الصنف الأول، أم من الصنف الثاني- وبين فهم السيرة.
ومهما أعمل المستشرق قدراته العقليّة، ومهما اجتهد في تحليلاته المنطقيّة، ومهما استنفر إمكاناته التقنيّة وحاول الإفادة مما يسمى بالعلوم المساعدة أو الموصلة للحقيقة التاريخيّة، ومهما ادعى من حياد وموضوعيّة، فإنه غير واصل البتّة إلى تقديم صيغة أقرب إلى الكمال لسيرة رسول الله ﷺ.
ولن يكون غريبا، أو يعد تجاوزا على الواقع، القول: إن أعمال المستشرقين في السيرة، على تألّق بعضها وعمقه وغنائه، لا يمكن أن ترقى بحال إلى المصاف الأول من الأبحاث الجادة، ولا يمكن إلّا أن تظلّ في الخطّ الثاني أو الثالث، وربما العاشر، إذا وجد المستشرق نفسه ينساق بفجاجة وراء تعصبه النصراني كما فعل لامانس، أو وراء تصوّره المادي للكون والعالم والحياة كما فعل بندلي جوزي.. إنها لا تغدو أبحاثا حين ذاك ولكن عبثا بمقدساتنا باسم العلم، وتحويلا للسيرة لكي تكون حقلا لتجارب العقل النقدي الغربي «١» ونحن يجب أن نرفض التعامل مع هذا العبث وأن نرفض حتى النظر فيه.
(١) انظر على سبيل المثال: مونتغومري وات: محمد في مكة، الصفحات ١٦٦- ١٧٨، ١٨٣- ١٨٩، ٢٣٣- ٢٣٥.
1 / 11