وأما مستنده، فهو جعل التقييد بمثابة التخصيص وقياسه عليه بجامع أن كلا منهما تنقيص وتقليل، ثم الاستدلال على عدم تخصيص الكتاب والسنة المتواترة بالسنة الآحادية على النحو التالي:
قالوا: أجمع الصحابة ﵃ على عدم تخصيص الكتاب بالسنة الآحادية يدل على ذلك ما روي من أن عمر١ ﵁ رد ما روته فاطمة بنت قيس٢ عن النبي ﷺ: "أنه لم يجعل لها سكنى ولا نفقة" ٣ لما كان مخصصا لعموم قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ ٤ وقال: "كيف نترك كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندرى أحفظت أم نسيت"٥. ولم ينكر ذلك أحد فصار إجماعا.
ولا معتصم لهم في هذا الذي ذكروه على أنه إجماع على عدم التخصيص بالسنة الآحادية لأمور ثلاثة:
أولها: أن انعقاد الإجماع على ذلك غير مسلم سواء كان إجماعا تصريحيا أم سكوتيا. لأنه لو كان وافق عليه الكل صراحة لنقل لكنه لم ينقل، فانتفى انعقاد الإجماع التصريحي على ذلك.
ولم يكن الكل حاضرين عند رد عمر لحديث فاطمة، فلا يكون هناك إجماع سكوتي أيضا.
وبهذا يكون الإجماع بنوعيه غير منعقد على ما ذكروه.
ثانيا: على فرض تسليم صحة ثبوت ما ادعوه من الإجماع، فإنه لا يكون مثبتا لمنع تخصيص الكتاب والسنة المتواترة بالسنة الآحادية. لأن المجوزين لتخصيصهما بها لم يدعو تخصيصهما بكل ما كان من السنة الآحادية مطلقا سواء كان راويها متهما بالنسيان أم لا، بل