فقالت لنا: أهلًا وسهلًا، وزوَّدتْ ... جنى النحل بل ما زوَّدتْ منه أطيبُ١
-فقدَّم المجرور بـ "مِنْ" على أفعل التفضيل في غير الاستفهام.
أما ابن مالك فقد عَدَّ التقديم بهذه الصورة نادرًا لا ممتنعًا، فقال في الألفية:
وإنْ تكنْ بتلوِ " مِنْ " مستفهِمًا-فلهما كن أبدًا مقدِّما
كمثل: مِمَّنْ أنت خيرٌ؟ ولدى ... إخبارٍ التقديمُ نَزْرًا ورَدا٢
وقال في شرح التسهيل: "إن كان المفضول غير ذلك لم يجز تقديمه إلاَّ في نادر من الكلام٣.
ومع كون تقديم "مِنْ" ومجرورها ممتنعًا - إذا لم يكن المجرور اسم استفهام أو مضافًا إليه - عند الجمهور٤، ونادرًا عند ابن مالك إلاَّ أنه قد جاء به ابن مالك مقدمًا، إذ قال في باب "الأسماء الستة":
وفي أبٍ وتالِيَيْه يندرُ ... وقصرها من نقصهن أشهر٥
فقوله: "من نقصهن" متعلق بـ "أشهر" مقدَّم عليه.
١ من "الطويل" من أبيات قالها في شأن امرأة من بني ذهل بن ثعلبة قرته وحملته وزودته.
"جنى النحل": ما يُجنى منه وهو العسل
والمعنى: استقبلتنا بالترحيب والحفاوة قائلة لنا: أهلًا وسهلًا، واحتفت بنا احتفاءً طيبًا.
والبيت في: شرح المفصل ٢ / ٦٠، شرح التسهيل ٣ / ٥٤، شرح الألفية لابن الناظم ٤٨٤، توضيح المقاصد ٣ / ١٢٧، شرح ابن عقيل ٣ / ١٨٤، المقاصد النحوية ٤/٤٣، الهمع ٥/١١٥، شرح الأشموني ٣ / ٥٢.
٢ الألفية ص ٤٠.
٣ شرح التسهيل ٣ / ٥٤.
٤ انظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب ٩.
٥ الألفية ص ١١. قال: الصبان: (أشهر: أفعل تفضيل شاذ؛ لأنه إماَّ من " شُهر " المبني للمجهول أو " أشهر " الزائد على الثلاثي) . حاشية الصبان ١ / ٧٠.