244

العزف على أنوار الذكر

العزف على أنوار الذكر

Genres

ثُمّ اعجب لهذه الغنّة التي سبقت " الطاء " في " نون " " انذرهم " وفي ميمها، وللغنة الأخرى التي سبقت " الذال " في " النذر " (١)
ويتبر معك بعضًا آخر من الكلمات هي أطول الكلام عدد حروف ومقاطع ممَّا قد يَسِمُها بالاستثقال طبيعةَ وضعٍ أو تركيبٍ، ولكنَّها في نظمها القرآني خرجت مخرجًا سريًّا من نحو قول الله ﷿:
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (النور:٥٥)
فقوله ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ كلمة واحدة [إملائيًا لا نحويًا] من عشر ة أحرف، وقد جاءت عذوبتها من تنوع مخارج الحروف ومن نظم حركاتها، فإنَّها بذلك صارت في النطق كأنَّها أربع كلمات إذ تنطق على أربعة مقاطع» (٢)
ويجرى القول منه في ذلك، فينتهى بنا إلى أن «طريقة نظم القرآن تجري على استواء واحد في تركيب الحروف باعتبار من أصواتها ومخارجها،وفي التمكين بحسّ الكلمة وصفتها، ثُم الافتنان فيه بوضعها من الكلام،وباستقصاء أجزاء البيان،وترتيب طبقاته على حسب مواقع الكلمات لا يتفاوت ذلك ولا يختل» (٣)
***
وممن عنى بذلك – أيضًا - "العلامة: محمد عبد الله دراز" في كتابه القيم الذي أخرجه لطلاب العلم سنة (١٩٣٣) فسبق كثيرًا.
وذلك ما تراه من نظره في خصائص الأسلوب القرآنيّ، جاعلًا الخاصية الأولى " خاصية تأليفه الصوتي في شكله وجوهره، (٤)

(١) - السّابق: ٢٥٨
(٢) - السابق: ٢٦٠
(٣) - السابق: ٢٧٥
(٤) - دراز:النبأ العظيم: نظرات جديدة في القرآن: ص ١٠٣- ط: دار القلم الكويت - ١٣٩٧

1 / 244